مضى الأسبوع الأول من كانون الأول، ولم تَدعُ رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي بعد مجلس المندوبين الجديد إلى انتخاب هيئة إدارية جديدة، في مخالفة صريحة لأحكام المادة 19 من النظام الداخلي التي تحدد الأسبوع الثالث من كانون الأول موعداً أقصى لإجراء الانتخابات.

الرابطة عزت عدم تحديد الموعد إلى «أسباب تقنية» تتعلق بالتأخر في الحصول على جداول القبض (لوائح الشطب) من وزارة التربية، والتدقيق فيها ومطابقتها مع محاضر انتخابات مندوبي الثانويات، وهذا يتطلّب، بحسب عضو الهيئة الإدارية سليمان جوهر، بعض الوقت، إذ «يمكن أن نصادف اختلافاً بين عدد المندوبين المفترض وفق لوائح الشطب وعدد المندوبين المنتخب في الثانوية، ما قد يضطرنا للدعوة إلى إعادة الانتخابات».
وينتظر أن تعقد الرابطة اجتماعاً نهاية هذا الأسبوع لتحديد وجهة الانتخابات وإحصاء عدد أعضاء مجلس المندوبين. والمفارقة أن القوى لم تستطع أن تجري «حساباتها» الانتخابية، لكون العدد النهائي للمندوبين ليس معروفاً حتى الآن، وإن أبدى معظمها ارتياحه إلى خريطة الأحجام التي «لم تتغير كثيراً»، مع بعض الاستثناءات كتراجع حزب الله وحركة أمل في البقاع وبعلبك ــــ الهرمل مع استمرار التقدم في محافظتَي الجنوب والنبطية، وتقدّم ملحوظ للقوات اللبنانية مقابل تراجع للتيار الوطني الحر وتيار المستقبل، واستقرار الأعداد لدى كل من الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة.
وبحسب مصادر في التيار الوطني الحر، «التراجع الطفيف في أعداد المندوبين سببه الهجمة القوية من الأحزاب علينا». وكان مسؤول المكتب التربوي روك مهنا قد صرح في وقت سابق بأن التيار «لن يتحالف مع الأحزاب التي تكتلت ضد التيار في انتخابات نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، ولا سيما حركة أمل وتيار المستقبل، وسيرى ماذا سيكون خيار حزب الله». فهل تشهد الانتخابات معركة قاسية بين الأحزاب نفسها؟
وكما في كل دورة انتخابية، فإن تشكيل اللائحة الائتلافية من كل الأحزاب سيفرض نفسه مرة جديدة على المشهد. ومع أن القوات لم تحسم بعد انضمامها إلى المفاوضات التوافقية، إلا أن جوهر أشار إلى «أننا لن نكون في لائحة واحدة مع حزب الله. فلا شيء يجمعنا بهم لا سياسياً ولا نقابياً، ويمكن أن نتحالف مع المستقلين إذا لم ندخل في الائتلاف».

تراجع للتيار الوطني الحرّ مقابل تقدّم للقوّات وخريطة التحالفات غير محسومة


المعارضة النقابية وضعت التأخير في خانة كسب الوقت والتقصير، ولا سيما أن الجداول متاحة منذ الأول من تشرين الثاني الماضي، وكان بإمكان الرابطة أن تطلبها منذ ذلك الحين وأن تواكب مراحل الاستحقاق لحظة بلحظة، وأن تدقق في النتائج تباعاً، علماً بأن انتخابات المندوبين جرت بين 15 تشرين الثاني و30 منه.
عضو لقاء النقابيين الثانويين حسن مظلوم قال إن تبرير التأخير «عذر غير مقنع ومردود ولا يعفي الرابطة من مسؤولية خرق النظام الداخلي والاستهتار بمصالح الأساتذة وحقوقهم وما تفرضه من تسريع للعملية الانتخابية». ورأى أن انتخابات مجلس المندوبين «حملت متغيرات جدية وتقدماً ملحوظاً للمستقلين، وبالتالي فإننا بصدد إجراء قراءة متأنية للنتائج، وإطلاق دعوة واسعة لإسقاط قوى السلطة من خلال تشكيل جبهة عريضة من النقابيين المستقلين في لقاء النقابيين الثانويين والتيار النقابي المستقل ولجان الأقضية وعدد من الأساتذة المستقلين وحتى الحزبيين المتضررين الذين أودت الرابطة بمصالحهم وحقوقهم».
التيار النقابي المستقل رفض «المخالفة الانتخابية والاعتداء على أصول العمل النقابي»، مطالباً الهيئة الإدارية بتحديد موعد الانتخابات التزاماً بالنظام الداخلي. القيادي في التيار جورج سعادة قال إن التقديرات تشير إلى أن المعارضة النقابية والمستقلين «يمثلون أكثر من نصف المندوبين»، مستغرباً المماطلة في العملية الانتخابية وتقاعس الرابطة عن القيام بدورها تماماً كما حصل في نقابة المهندسين بسبب التوجّس من الخسارة. وذكّر سعادة بالمؤتمر الصحافي للتيار في بداية أيلول الماضي الذي دعا فيه كل القوى النقابية الديموقراطية والمستقلة عن أحزاب السلطة وفي كل القطاعات «إلى تحرير الروابط والنقابات من قبضة المنظومة الحاكمة وأذرعها النقابية». ونفى إمكانية التحالف في الانتخابات مع «أيّ من أحزاب السلطة التي حوّلت النقابات إلى أدوات بيد السلطة وبرّرت دورها بالاعتداء على الأساتذة». وقال: «لن نتكلم بلغة الأرقام، إنما بالبرنامج الانتخابي الذي يستعيد القرار النقابي المستقل وتحرير الرابطة من الانهيار».