منذ بدء الأزمة السورية، تحوّلت بلدة عرسال في السلسلة الشرقية إلى أوّل مجتمع لبناني مضيف للنازحين السوريين القادمين من قرى: فليطا، قارة، عسال الورد، الجراجير وغيرها من البلدات السورية الحدودية، والتي تربط أهاليها مع العراسلة روابط مصاهرة وعلاقات تجارية. مع قدوم النازحين، قدمت أيضاً عشرات جمعيات الـ NGOs الدولية، تحت عناوين كثيرة مرتبطة بحقوق الإنسان وتمكين نساء النازحين وتعليم أطفالهم وغيرها، و«أغدقت» على النازحين وظائف ومساعدات، فيما لم ينل المجتمع العرسالي المضيف من «مجمل المساعدات» إلا «أذنه»!لم يثر ذلك مشكلة في السنوات الأولى من النزوح بسبب موجة التعاطف السياسي والإنساني مع النازحين. جاء الانهيار الاقتصادي الذي أعقب سنوات تعطّلت فيها أعمال العراسلة ومصالحهم بسبب سيطرة الإرهابيين التكفيريّين على بلدتهم وجرودها، ليحكم الخناق على البلدة وأهلها ويثير التململ والاستياء في وجه الجمعيات والهيئات الدولية العاملة. دفع ذلك، مجموعة من شبان عرسال إلى «تنظيم» أنفسهم، والتواصل مع مسؤولي الجمعيات طالبين منهم «مساعدة شباب البلدة عبر توظيف بعضهم في هذه الجمعيات الى جانب الموظفين من النازحين وممن تأتي بهم الجمعيات من خارج البلدة، وخصوصاً أن لدينا شباناً يملكون المواصفات المطلوبة لشغل مثل هذه الوظائف»، بحسب الناشط في «رابطة شباب عرسال» مصطفى الحجيري، مشيراً إلى أن «غالبية الجمعيات التي تواصلنا معها لم تعر أهمية لمطالبنا، ما دفعنا الى إقفال بعضها والطلب من موظفيها مغادرة البلدة».
وأوضح الحجيري لـ«الأخبار» أن «مهندسين ومجازين وحملة شهادات من مختلف الاختصاصات من أهالي البلدة تقدموا بطلبات للحصول على وظائف في الجمعيات التي تنشط في بلدتنا، قوبلت جميعها بالرفض، فيما قبلت طلبات طلاب جامعيين غير مجازين من خارج عرسال ومن النازحين السوريين للتعليم ولتولي وظائف مختلفة... وحتى الوظائف التي لا تحتاج الى شهادات لم يُقبَل إبناء عرسال بها، بما فيها سائقو فانات نقل تلامذة من منازل في عرسال الى المراكز التعليمية التابعة للجمعيات». وسأل: «لماذا هذا التمييز، فيما ينبغي أن تكون الأفضلية لنا؟».
«رابطة شباب عرسال» أقدمت في غضون يومين على إغلاق أكثر من 12 مركزاً في البلدة، من بينها مركز جمعية Hand في وادي سويد (مدرسة المدينة الفاضلة و5 مراكز تعليمية تابعة لها) ومركز جمعية Maps في حي الجوبان. ومنعت الرابطة أكثر من 30 سائق فان من النازحين السوريين من نقل تلامذة الطلاب إلى أحد مراكز التعليم. الحجيري شدد على «أحقية ما نطالب به»، ونفى «ادعاءات الجمعية بأننا اعتدينا على المركز. ولدينا فيديوات لدخولنا وخروجنا وكيفية طلبنا من الموظفين الخروج وإقفال المراكز بشكل لائق». وشدّد على «أن ما نقوم به ناجم عن وجعنا، وليس لمزاحمة النازحين الذين يحصلون على سائر أنواع المساعدات من مازوت تدفئة وألبسة وأغذية وراتب بالدولار ووظائف لدى الجمعيات»، ملقياً باللوم على بلدية عرسال التي «تمارس دوراً يخدم مصالح أعضائها وتجهد لتنفيذ المشاريع وفق مصالح وأهواء شخصية».