لا صوت يعلو في أحياء بعلبك فوق هدير صهاريج المياه. سوء إدارة هذا الملف جعل المدينة التي تزخر وقراها بعشرات الينابيع الغزيرة وبالآبار العامة والخاصة، فضلاً عن سدّ اليمونة، تفتقد إلى المياه في ظل موجة حر غير مسبوقة. فيما يصل سعر صهريج المياه إلى أكثر من مليون ليرة «إذا ما توافر لك دور أو واسطة عند أصحاب الصهاريج»، بحسب ابن المدينة علي ياغي. وهو مبلغ، في ظل الأزمة المعيشية، قاسٍ جداً حتى على الميسورين، خصوصاً أن كل منزل يحتاج إلى صهريج مياه كل يومين.وإلى انقطاع مياه نبع اللّجوج الذي يغذي أحياء المدينة بالجاذبية، لاحظ أصحاب الآبار الخاصة في حيَّي الشميس ورأس العين رائحة صرف صحي وآثار محروقات في مياه الآبار، علماً أن حوض المياه الجوفية في هذين الحيين يغذّي عشرات الآبار غير العميقة في بقية أحياء المدينة (غالبيتها على عمق لا يزيد على 20 متراً)، ومنها إحدى الآبار الرئيسية لتعبئة الصهاريج.
وبحسب مصادر متابعة، فإن مياه الصرف الصحي تتسرّب من «ريغارات» في شبكة الصرف الصحي، إلا أن البلدية غير قادرة، لوجستياً ومالياً، على معالجة المشكلة، «وليست في حوزتها خرائط للشبكة». أما التسرّب النفطي، فقد يكون مصدره تسرباً من إحدى محطات الوقود في المنطقة أو من خزانات المازوت في مستشفى بعلبك الحكومي التي ازداد عدُدها أخيراً.
رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل قال لـ«الأخبار» إن «المشكلة خطيرة وتتطلب تدخّلاً سريعاً من مؤسسة مياه البقاع ووزارة الطاقة والمياه»، مشيراً إلى تكليف مهندس لمتابعة الأمر مع مؤسسة مياه البقاع، «وحتى اليوم لم نتلقّ جواباً». وأقرّ بأن «لا خرائط لدى البلدية لشبكة الصرف الصحي القديمة».
آبار المدينة وقراها ملوثة بالصرف الصحي والمحروقات


وفي قرى غربي بعلبك، تحرم التعديات على شبكة مياه اليمونة غالبية قرى المنطقة من المياه رغم وفرتها في السد، وسط غياب تام لمؤسسة مياه البقاع، رغم أن اتهامات تطاول موظفيها بالتواطؤ مع المتعدّين من أفراد أو من رؤساء بلديات. وبعدما كانت التعديات على شبكة مياه اليمونة تقتصر على بلدة دار الواسعة وفتحات الري للبساتين في بوداي (لمزارعي البطاطا) وشليفا ودير الأحمر (لملء برك صيد البط)، زادت هذا العام لبيعها لكبار مزارعي البطاطا والبصل والثوم ولمخيمات النازحين السوريين. مصادر مؤسسة مياه البقاع أكّدت «أننا غير قادرين على معالجة مشكلة التعديات بمفردنا، من دون تدخل مخابرات الجيش التي كانت قد نفّذت سابقاً عملية أمنية للكشف على أماكن التعديات واستدعت رؤساء بلديات ووجّهت إنذارات، ما أدّى إلى ضبط الأمور، لكن مع الوقت والتراخي الأمني عادت التعديات بشكل لافت».