بدأت التحضيرات لانتخاب 4 أعضاء في نقابة الأطباء في بيروت ليحلّوا مكان الأعضاء الذين خرجوا إثر اختيارهم بنظام القرعة (المتّبع منذ عام 2023 لتصحيح الخلل الذي نتج من إرجاء الموعد السنوي للانتخاب على خلفية انتشار فيروس كورونا)، وهم: جعفر عباس (حركة أمل)، جورج يارد (مستقل مقرّب من أمل ومن جوّ حزب الكتائب)، وتغريد الحاج علي (حزب الله)، ومحمّد الموسوي (حزب الله). البعض يمنّي النفس بـ«تطيير» الانتخابات المقررة في 16 أيّار في حال نجحت الجهود للتوصّل إلى تسوية تُجنّب الأطباء معركة حامية، على غرار ما حصل السنة الماضية عندما اتفقت الأحزاب في ما بينها كي يدخل إلى مجلس النقابة (المكوّن من نقيبٍ و15 عضواً)، أربعة أعضاء (3 للتيّار الوطني الحر وواحد للقوات اللبنانيّة).التسويات داخل النّقابة ليست مستحيلة، إذ يُمكن للتقاطعات النقابيّة أن تقفز فوق الخصومات السياسيّة لتشكيل لوائح، وبالتالي يُمكن للقواتيين، مثلاً، أن يكونوا على لائحة واحدة مع العونيين، كما يُمكن أن يرفع مرشّحو «حزب الله» علامة النصر مع زملائهم في الكتائب في صورةٍ واحدة!

(مروان بوحيدر)

حتى الآن، يبدو أنّ حلف حزب الله وحركة أمل والتيّار الوطني الحر ثابت بغض النظر عن التّفاصيل، وخصوصاً أن هؤلاء يُعدّون «أم الصبي» في الاستحقاق المُقبل، إذ إنّ ثلاثة من أصل أربعة من المرشّحين الذين انتهت ولايتهم محسوبون على «الثنائي». وعليه، تتضمن التسوية التي يطرحها أكثر من طرف الاتفاق على لائحة واحدة تفوز بالتزكية عبر الإبقاء على الصيغة المعتمدة، أي ترشيح شخصيّات تنتمي إلى «الثنائي»، وإن كان هذا الاتفاق في حال سريانه، سيُغرق حلفاء الصف الواحد في شياطين التفاصيل، في ظل تسريبات بأنّ حركة أمل أبلغت يارد رسمياً أنها ستدعم ترشيحه، إلى جانب مرشّحها الشيعي (جعفر عباس على الأرجح). وفي حال صحّ ذلك، فإنه يقطع الطريق على «التيّار» الذي تقول أوساطه إنّ مسؤوليه يدرسون خيار ترشيح شخصيّة قريبة منه، وخصوصاً أن ترشيح مسيحي ثانٍ يعني ضرب التوازن في مجلس النقابة (8 مسلمين و8 مسيحيين) الذي يُحاول كثيرون الحفاظ عليه، فيما يُستبعد أن يُضحّي حزب الله بمرشّحه الشيعي الثاني ليُجيّر حصته إلى التيّار.
ولكن، ليس طموح «التيار» بالحصول على عضو مجلس نقابة وحده هو ما يهدّد بإطاحة جهود الحفاظ على التوازن الطائفي، وإنّما أيضاً التسريبات التي يتحدّث عنها أكثر من مُتابع بأنّ القوّات لن تكرّر اتفاق العام الماضي الذي أدى إلى نجاح مرشح «الثنائي» بالتزكية. ورغم أنه لم يصدر أي شيء رسمي عن القوات بعد، إلّا أنّ هناك إشارات إلى أنها تتحضّر لمعركةٍ بترشيح أكثر من مسيحي لملء المقاعد الأربعة. وهذا، في حال حصوله، يعني حُكماً توجّه الثنائي إلى معركة «كسر عظم»، يؤكد مسؤولوه أنّ نتيجتها ستكون في مصلحتهم. إذ إنّ الثنائي قادر وحده على تجيير كتلة ناخبة من أكثر من 1500 ناخب من أصل نحو 3 إلى 4 آلاف ناخب يُشاركون في انتخاب الأعضاء (يرتفع الرقم إلى 7 آلاف يُشاركون في انتخاب النقيب والأعضاء من أصل نحو 13 ألف طبيب منتسب). ويفترض أن يزيد حجم هذه الكتلة النّاخبة مع التحالفات، وخصوصاً ذاك المحسوم مبدئياً مع التيّار.
يُشارك في انتخاب الأعضاء نحو 4 آلاف ناخب من أصل 13 ألف طبيب منتسب


كما يُراهن الثنائي على علاقة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وإمكانيّة ضخّ الأخير لائحة الثنائي بأصوات «المختارة»، إضافة إلى أصوات الكتائب في حال ترشيح يارد، ما يُصعّب معركة «القوات».
رغم ذلك، يرى مسؤولون حزبيون أنّ من السابق لأوانه الحديث عن معركة محسومة أو عن حتّى تحالفاتٍ نهائيّة، لأنّ معظم الأحزاب لم تتخذ قرارها بخوْض الانتخابات من عدمها أو حتّى الإفصاح عن أسماء مرشّحيها، مشدّدين على أنّه «من المبكر رسم ملامح واضحة للانتخابات لأنّه عادةً ما تتوضّح الأمور في الأسبوع الأخير». ويؤكد هؤلاء في الوقت عينه أنّ «قنوات التواصل مفتوحة بين الجميع بانتظار الاجتماعات التي يفترض أن تُعقد الأسبوع المقبل».