أثار قرار تعاونية موظفي الدولة مطلع الشهر الجاري تعديل تعرفة المنح المدرسية امتعاضَ البلديات التي تعتمد تعرفة التعاونية لدفع المنحة إلى مستخدميها، في ظل عدم تأمين مداخيل إضافية لها وعدم تعديل الرسوم البلدية. ففي بلدية الغبيري، سترتفع كلفة المنح لـ 210 موظفين عشرة أضعاف من 2,5 مليار ليرة إلى 25 ملياراً، ما دعا رئيس البلدية معن خليل أن وصف القرار بأنه «غير مدروس وغير معلّل وبعيد عن أي رؤية وإستراتيجية تراعيان الانهيار الاقتصادي». فيما قال المدير العام للتعاونية يحيى خميس في المقابل، إن التعاونية «وجدت لمساعدة موظفي القطاع العام بما يتناسب مع ظروفهم الخاصة، وليست مسؤولة عن الموظفين في قطاعات أخرى تطبّق نظامنا. وإذا كانت التعرفة الجديدة لا تناسب البلديات، فلتتخذ مجالسها قرارات بتعديلها، ولتطالب بتمويل صناديقها». وأكّد أن القرار «دُرس على مدى 5 أشهر ليتوافق مع حجم متطلبات موظفي القطاع العام والأعباء الملقاة على عاتقهم»، لافتاً إلى أنّ «قيمة المنح لا تزال أقل مما كانت عليه قبل الأزمة»، وإلى أن «الاعتماد المخصص لهذه الغاية متوافر في موازنة التعاونية لعام 2024، بما يغطي الزيادة».وتأخذ البلديات على القرار أن أموال المنح التعليمية باتت تفوق الأقساط السنوية في بعض الجامعات والمعاهد والمدارس الخاصة، وأن وضع سقف للمنحة للتلامذة في المدارس الخاصة، أي ألّا تتجاوز قيمة المنحة قيمة المبلغ المدفوع للمدرسة، لا يحول دون اتفاق بعض الموظفين مع إدارات المدارس لإعطائهم إفادات بأقساط تتخطى الأقساط التي تستوفيها منهم بغية الاستفادة من كامل المنحة». وهذا الأمر سيؤدي، بحسب خليل، إلى «انتهاء مئات المليارات في جيوب أصحاب التعليم الخاص على حساب التعليم الرسمي، وتعويم ميزانيات الجامعات والمدارس الخاصة وتشجيعها على رفع أقساطها لامتصاص زيادات المنح من جيوب الموظفين، كما يوجّه الأهل لنقل أبنائهم من الجامعة اللبنانية والمدارس والمعاهد الرسمية إلى الجامعات والمعاهد والمدارس الخاصة للاستفادة من قيمة المنحة». فيما يشير خميس إلى أن «المدارس الخاصة لا تنتظر زيادة المنحة لتزيد أقساطها، بل هذا دأبها منذ عشرات السنوات. ويُفترض أن تكون لدى البلدية فكرة عن قيمة الأقساط في المدارس التي تقع في نطاقها وأن تتحقق، بالتالي، من الإفادات وما إذا كانت صحيحة أو مزوّرة»، مؤكداً أن «التعاونية ستدقق في الإفادات وستوقف المنحة إذا تبين لها أن الإفادة ملغومة، وقد يصل بنا الأمر إلى تحويل الملف إلى النيابة العامة المالية».
مدير التعاونية: قيمة المنح أقل مما كانت عليه قبل الأزمة ولا نتحمّل مسؤولية مشكلة التعليم الرسمي


ماذا لو جيّرت ميزانيات المنح لدعم المدرسة الرسمية؟ وما الذي يمنع صدور قرار يلزم موظفي القطاع العام تسجيل أبنائهم في الجامعة اللبنانية والمدرسة الرسمية وتخصيص جزء لذويهم لتغطية مصاريف النقل وغيرها؟
يوضح خميس أن استثناء قيمة المنحة للتلامذة والطلاب في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية من السقف المالي المدفوع «لم يأتِ عشوائياً، إنما كان هدفه دعم التعليم الرسمي، والسماح للطالب بتأمين كل متطلباته. لكن المدرسة الرسمية ليست لديها القدرة على استيعاب عدد كبير من طلاب المدارس الخاصة. ولا يجوز تحميل مؤسسة كتعاونية موظفي الدولة مشكلة التعليم الرسمي. هذه مسؤولية الدولة والسياسة التربوية العامة». وسأل: «لماذا يعلو الصراخ عندما يتعلق الأمر بموظف القطاع العام، في حين تدفع الدولة مبالغ طائلة للمدارس الدينية المجانية التي تتقاضى أقساطاً ملحوظة في بعض الأحيان، من دون أن يعترض أحد».
لكن ما يقوله خليل عن تجربة السنوات الأخيرة مغاير تماماً. إذ إنّ المدرسة الرسمية فقدت نحو 70 في المئة من طلابها الذين نزحوا إلى المدارس الخاصة بسبب إضرابات المعلمين، «وفي حين كنا في السابق نعجز عن إيجاد مقعد لتسجيل طالب واحد في الثانوية الرسمية، باتت المدارس شبه فارغة اليوم. وحبذا لو أن أموال المنح تذهب لتغطية مجانية التعليم والكتب والنقل ورفع رواتب المعلمين والإدارات التربوية، خصوصاً أن المنحة التعليمية لطالب في المرحلة الثانوية في المدرسة الخاصة وفقاً لتعرفة الثانوية تبلغ 171 مليون ليرة، أي ما يعادل تسجيل 19 طالباً في التعليم الرسمي».