بعد 28 عاماً على صدور قانون تنظيم الموازنات المدرسية الرقم 515/1996، قدّم اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، عبر النائبين حليمة القعقور وأسامة سعد، اقتراح قانون لتعديل كل موادّه بهدف معالجة الثغر، وإدخال مبادئ المحاسبة العمومية، والحوكمة المالية، وليصبح تشريعاً نهائياً شاملاً ينظّم المسائل المالية بصورة تحفظ حقوق الأهالي والمعلمين وأصحاب المدارس. ويسعى التشريع الجديد بصورة أساسية إلى منع فرض زيادات على الأقساط أو مبالغ إضافية بعملات أجنبية، من خارج أي ضوابط أو رقابة من أي نوع كان. ويُنتظر أن يناقش الاقتراح في لجنة التربية النيابية واللجان النيابية المشتركة ليُعرض من بعدها على الهيئة العامة لإقراره.الإضافة الأساسية للتعديل الجديد أنه يعزّز الشفافية المالية والمحاسبة والرقابة على التعليم الخاص، ويفعّل دور أدوات الرقابة من لجان الأهل ووزارة التربية والقضاء، ما سيفتح معركة جديدة مع «كارتيل المدارس» الذي يرفض كل أشكال الرقابة والحوكمة وسيضغط بكل قوته لإضعاف القانون الجديد، من خلال طرح قانون مضادّ يعمل عليه منذ زمن ولم يقدّمه حتى الآن، مستنداً إلى دعم مجموعة واسعة من النواب.
وتشير رئيسة اتحاد لجان الأهل لمى الطويل إلى أن «القانون المعدّل يقطع الطريق على ما يحدث حالياً من هرطقات تشريعية، واتفاقات جانبية تغيّب أصحاب المصلحة الحقيقية أي الأهل»، مشيرة إلى أن «الحاجة باتت ملحّة لإجراء تعديل نهائي للقانون الذي لم يُعالج في شكله الصادر عام 1996، كل المسائل المتعلقة بالموازنات، وأصول تحديد الأقساط، وبقي يُحال في بعض الأمور إلى قوانين أخرى، مثل القانون الرقم 11/1981 المتعلق بمراقبة زيادة الأقساط والرسوم المدرسية، ومرسومه التطبيقي 4564/1981، اللذين بقيا مطبّقيْن، ما أحدث فوضى تشريعية».
وفي الأسباب الموجبة للقانون المعدّل وجود ثغر تتعلق بتقاعس الحكومات المتعاقبة عن تشكيل القضاء المختص في حل النزاعات المتعلقة بمالية المدرسة، وفقدان مصلحة التعليم الخاص للآليات القانونية التي تسمح لها بممارسة الدور الذي أناطه بها القانون، إضافة إلى ما أحدثته دولرة الاقتصاد اللبناني لجهة خروج ما يتقاضاه المعلمون من مساهمات بالعملات الاجنبية من إطار الموازنات، وفرض أقساط لا تدخل ضمن هذه الموازنات كما ينص القانون 515.
أظهر التطبيق أن القانون الحالي لا يراعي الأصول المحاسبية بإرفاق ميزانية وقطع حساب سنويين مع الموازنة المدرسية


كذلك أظهر التطبيق أن القانون الحالي لا يأخذ في الاعتبار الأصول المحاسبية التي تفرض بالحد الأدنى إجراء ميزانية وقطع حساب سنويين وإرفاقهما مع الموازنة المدرسية، وفرض التدقيق المالي المستقل، كما أنه لا يلحظ، بشكله الحالي، مبدأ وحدة الحسابات، فيما يخرج الكثير من إيرادات المدرسة من الموازنة المدرسية، ما يقتضي تصحيحه لهذه الجهة.
ويحاول التعديل الجديد تثبيت الضوابط التي سبق للقانون أن وضعها لحماية مصالح الأهل، بما في ذلك انتخابات لجانهم ودورهم الرقابي على الموازنات المدرسية، وإلزامية توقيع اللجان على الموازنات، ومنع المدارس من اتخاذ الإجراءات بحق التلامذة عند وجود نزاعات متعلقة بتطبيق القانون، والحفاظ على التوازن في الموازنة بين النفقات والإيرادات وضمن باب النفقات، والحفاظ على التوازن بين ما هو متعلق بالرواتب والأجور ومتمّماتها من جهة، والنفقات الأخرى عبر الموازنة بينها، ولا سيما عدم المس بالنسب المنصوص عنها في المادة 2 من القانون، على أن تُحدد أصول واضحة وضوابط جدية في حال وجود حاجة إلى تجاوز هذه النسب، عبر فرض الرقابة المالية المستقلة الخارجية.
وبالتجربة، تبيّن للاتحاد أنّ القانون بصيغته الحالية يحتاج إلى تشريعات وأنظمة أخرى لتطبيقه وخصوصاً لجهة إجراءات انتخاب لجان الأهل التي تحتاج إلى قواعد واضحة تضمن سلامة العملية الديمقراطية وضمان حصولها، والإجراءات المطلوب أن تتخذها مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية، ولا سيما موجب تحديد القسط المدرسي بشكل مباشر، ومفعول هذا القرار، وآليات الاعتراض على قرارات مصلحة التعليم الخاص المتعلقة بالموازنات المدرسية، مع تحديد الأدوار، وتوزيع الصلاحيات والاختصاصات بشكل واضح لجهة تحديد السلطة صاحبة الاختصاص في وضع القسط المدرسي عند المخالفة (مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية)، ومن هو المرجع المختص لتلقي الاعتراضات على قرارات مصلحة التعليم الخاص والبتّ فيها (الوزير أو لجنة الاعتراضات بواسطة الوزير...)، والمهل التي يجب أن تصدر القرارات خلالها، ومفعول هذه القرارات القانوني، والجزاء الذي يحق للوزير و/أو رئيس مصلحة التعليم الخاص اتخاذه عند مخالفة القانون، بما في ذلك تحديد غرامات مالية تُفرض لصالح الخزينة، وآليات اللجوء إلى القضاء.
وفي غياب المجالس التحكيمية التربوية، يطالب القانون المعدّل بإخضاع النزاعات، اختيارياً على الأقل، لقضاء عام، ولا سيما قضاء يبتّ في النزاعات وفقاً للأصول المستعجلة.