مرّ ذلك بـ«سلاسة» في السنوات السابقة، إلا أن هذا العام كان مختلفاً، مع السيول التي شهدتها المنطقة وأغرقت أراضي البلدات المجاورة. فما بين الأول من نيسان والأسبوع الأول من أيار الجاري، طاف مجرى سيل الفاكهة 12 مرّة، وهو ما يستدعي قرع جرس الإنذار من خطورة التلوث الصحي والبيئي الذي يهدّد عشرات القرى المجاورة وسهل البقاع الشمالي بسبب تسرب مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية وخروجها من مجرى السيل إلى الأراضي الزراعية.
ولا يبدو حتى اللحظة أن ثمة من سيلتفت من المنظمات الدولية، ومنها اليونيسيف، بعد تقليص خدماتها إلى حدود 50%، وهو ما يرفضه السكان المحليون هناك. إذ يشير أحد مخاتير عرسال إلى أن «اليونيسيف وغيرها من المنظمات أخطأت في حساباتها مع عرسال وحتى مع النازحين السوريين، وعليها أن تتحمل مسؤولياتها كاملة حيال النازحين والمجتمع المضيف من خلال مشاريع متكاملة. ولن نرضى بعد اليوم بمشاريع عشوائية غير مكتملة».
ويلفت ناشط بيئي من أبناء عرسال إلى أن انعدام الرقابة والمساءلة من «اليونيسيف» أفلت الحبل لأصحاب الصهاريج على غاربه، «فبات هؤلاء يسحبون مياه الصرف الصحي من الحفر الصغيرة والكبيرة في مخيمات عرسال وأماكن سكن النازحين الأخرى يومياً لتسجيل أكثر من نقلة طمعاً بالبدلات (80 دولاراً للنقلة) ويفرغونها في حفر غير مؤهلة ذات تربة سريعة الامتصاص»، مشيراً إلى تقديرات بأن «نحو مليوني متر مكعب من مياه الصرف الصحي أفرغت في الأراضي والبلدات المجاورة كاللبوة والفاكهة ورأس بعلبك ومقراق والعين وغيرها، ما يعدّ جريمة بيئية موصوفة».
مليونا متر مكعب من مياه الصرف الصحي أفرغت في أراضٍ مفتوحة
وأكدت مصادر في بلدية عرسال أن «أصحاب صهاريج الصرف الصحي اختاروا مواقع التفريغ بمفردهم، ومن دون أيّ رقابة من المنظمات المانحة أو من المحافظة». ولذلك، استعاد الناشطون في قرى البقاع الشمالي وبعض رؤساء البلديات حركتهم الاعتراضية، وهم بصدد التحضير لتحرك في مواجهة التلوث الذي لا تصل آثاره فقط الى البقاع الشمالي، وإنما الى سوريا وتركيا عبر نهر العاصي، مع مطالبات برفع دعاوى ضد الجمعيات التي تشرف على برامج مساعدة النازحين، والتي «همّ المشرفين عليها الإفادة على ظهر النازحين والمجتمعات المضيفة معاً»، كما يقول رئيس إحدى بلديات البقاع الشمالي.