ولى زمن «ترايكوم». فمنذ أمس، صارت الشركة المتعهدة تقديم يد عاملة داعمة لمؤسسة كهرباء لبنان، في سجلات الحفظ، مفسحة في المجال أمام «الشركة المتعهدة للصناعة والتجارة والمقاولات» التي فازت في المناقصة. هكذا، صار للمياومين رب عمل جديد: ابراهيم الموسوي. لا يعرفون أكثر من اسمه. ولكن، بالتواتر وصلهم «اعترافه» بيومي عطلة رسمية فقط، وهما عيدي العمال والاستقلال. وهو اعتراف، غير رسمي بطبيعة الحال، ولكنه أعاد «رص الصفوف» بين المياومين المرحبين بالجديد على قاعدة «أعطنا حقنا وكان الله يحب المحسنين، وإلا فوزارة العمل الحكم بيننا».
إذاً، زمن الأول تحوّل. هذا ما يحاول المياومون الإيحاء به من خلال التركيز على رسالة واضحة ومحددة لا تعدو كونها الاعتراف بحقوقهم التي يضمنها قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي. وهو ما لم يبدو بذاك الوضوح في دفتر الشروط التي على أساسها لزّمت الشركة المتعهدة للصناعة والتجارة والمقاولات. فبرغم التحسينات التي لمسها المياومون في الدفتر مثل «تخفيض الدوام من 48 ساعة إلى حدود الساعات التي يخدمها الثابتون في ملاك المؤسسة، إضافة إلى احتساب بدل غلاء المعيشة في حال صدور مرسوم بذلك والمنح المدرسية والإجازات السنوية»، إلا أنهم يتخوفون من حصر أيام العيد بعيدين فقط و«تناسي» موضوع الحماية والسلامة العامة. وهو أمر «ضدنا وضد المتعهد، لأنه ملزم حين التوقيع بالتزام طلبات وزارة العمل في موضوع السلامة العامة، وقد يكلفه الأمر بحدود 400 مليون ليرة لبنانية لتأمين المعدات». ثمة أمر آخر لم يشر العقد بشكلٍ كافٍ عليه وهو «النظام الداخلي الذي لم يرد بشكل صريح»، يقول المياومون. وهو ما أشارت أيضا له لينا متى، المديرة التنفيذية في الشركة المتعهدة السابقة «ترايكوم». واعتبرت أن ورود نص في الدفتر يطلب من المتعهد وضع نظام للعاملين «هو بحد ذاته فخ، فهو لم يذكر صراحة نظام داخلي، وهنا قد يقع المتعهد في المطب». فتفسير النظام «على أنه نظام داخلي يعني على الأقل احتساب ثمانية أيام عطلاً رسمية». هذا في الحد الأدنى. أما مخاطر عدم إيضاح هذا الأمر «فقد يتسبب بمشاكل ما بين المتعهد الجديد والمياومين، لأنهم سيطالبون بحقوقهم التي ينصفهم بها قانون العمل». أما مؤسسة كهرباء لبنان، فقد كانت مطمئنة لحقوق المياومين برغم المخاوف التي أبداها هؤلاء من دفتر الشروط. وأشارت إلى أن أي عقد جديد «سيلتزم بما ينص عليه قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي».
بعيداً عن مخاوف المياومين ونوايا المتعهد الجديد، قد يكون من المفيد استرجاع تجربة شركة ترايكوم. فهذه التجربة التي وصلت إلى حد النزاع بين الطرفين مطلع شباط الماضي، لم تنته فصولها كما كان مقدراً لها. فقبل بضعة أيام، كان المقدر هو التمديد، ولكن في السابع عشر من الجاري انقلب كل شيء رأساً على عقب، إذ وصلت رسالة ترايكوم إلى مياوميها تعلمهم فيها «بوقف ورفع أية مسؤولية عنها تجاه العمال المياومين عند انتهاء العقود الموقعة معهم، أي في 31/7/2013، وذلك لجهة الموجبات التي يفرضها قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي كما الأنظمة والمراسيم المرعية الإجراء». يومها، أثارت الرسالة الكثير من التساؤلات بين جمهور المياومين الـ470: فما الذي أوصل إلى الفشل؟ ماذا عن حقوقنا السابقة؟
يبدأ هؤلاء من الدعوى التي ربحوها على ترايكوم أمام وزارة العمل. وهي التي تعيد الحقوق القانونية المغيبة في العقد مع الشركة المتعهدة. يقول المياومون إن «ترايكوم استشعرت أنها لن تكون قادرة على تسديد حقوقنا المتبقية الأساسية وهي المنحة المدرسية والإجازة السنوية وأيام الأعياد (...)». وهي التي قدرت في وقتٍ سابق، في محضر تفتيش وزارة العمل بحدود المليار ليرة لبنانية. ويضاف إلى العجز في تسديد القديم «مطالبة الشركة بمبلغ مالي ضخم لقاء حقوق المياومين في العقد الجديد، التزاماً بقانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي». وعلى هذا الأساس، يشير المياومون إلى أن «طلب الشركة قوبل بالرفض من قبل مؤسسة كهرباء لبنان». وهو ما حاولت الإشارة إليه المديرة التنفيذية في «ترايكوم» لينا متى، لافتة إلى «أنني كنت حريصة على إعطاء المياومين حقوقهم، ولكن بالنهاية بدي أطلب كلفتها، وكنت طلبت لهم في حال التمديد معدات السلامة العامة فأجابوني بالقول (هول لشو)، فيمكن من أجل ذلك وجدوا أن المبلغ عالي». أضف إلى ذلك «القيمة المترتبة على المنح المدرسية والأعطال»، تقول متى. لهذا السبب، أبلغت «ترايكوم» المياومين برفع مسؤوليتها. مع ذلك، لن يعفي هذا الرفع ترايكوم من تسديد ما في ذمتها، إذ بدأ المياومون برفع الصوت، مطالبين مؤسسة كهرباء لبنان بـ«عدم تحرير كفالة ترايكوم المالية قبل تحرير المستحقات». وهو مطلب يعادل بأهميته أهمية الحقوق التي سيكافحون من أجلها في العقد الجديد.