«بعد اشتباكات عنيفة، تمت استعادة السيطرة على مدينة الأسعار وريفها بأسلحة الحسومات..» هذا ما كتب على لافتة علّقت فوق أحد المحال التجارية لبيع الألبسة في مدينة بنت جبيل، كوسيلة لجذب الزبائن «الذين باتت لا تنفع معهم المناسبات المختلفة لشراء حاجاتهم»، يقول محمد جمعة وهو يشير الى أن «هذه الوسيلة تنفع أحياناً كثيرة لجذب الأهالي الذين يشاهدون أمراً مختلفاً، لا سيما أنه يتعلق بالسياسة التي تأخذ كل أوقاتهم»، ويعتبر أن «هذه اللافتة أو غيرها لا تكفي بل يجب أن نواكبها بأسعار متدنية أيضاً بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة".
ويبدو أن هذه الوسيلة راقت للعديد من الأهالي والتجار، فعلّق أحد التجار في مكان آخر لافتة كتب عليها «مصادر مقرّبة تؤكد الكشف عن أهم مقررات مؤتمر جنيف للألبسة وهي وقف عمليات الغلاء»، لكن المواطن حسين بعلبكي ( عيترون) أكد أن " تخفيض الأسعار لا يقترن الاّ بنوعية الألبسة أو البضاعة المعروضة، فالأسعار مرتفعة في جميع الحالات، والأهالي مضطرون لشراء الأنواع السيئة». أما تجار المنطقة فلا يزالون ينتظرون زبائن العيد، من الذين يقصدونهم عادة لشراء الألبسة والحلويات الخاصة بالأعياد. لكن يبدو أن حركة الزبائن ضعيفة جداً، ولا يبدو أن الأهالي قادرون على الاحتفال بعيد الفطر السعيد كما يروق لهم عادة، يقول تاجر الألبسة محمد فواز، من بلدة تبنين ( بنت جبيل)، الذي بين أن «أبناء المنطقة يعيشون في أحلك الظروف الاقتصادية، بسبب توقف حركة البناء وعدم عودة المغتربين هذه السنة، ما أدى الى توقف العجلة الاقتصادية وامتناع المقيمين عن صرف ما تبقى من أموال معهم، خوفاً من تفاقم الأزمة»، ويشير فواز الى أن «أسعار الألبسة لم ترخص رغم هذا الجمود، والسبب يتعلق بتجار الجملة الذين باتوا يحتكرون كل شيء، وهم لا يبالون بأي أوضاع اقتصادية تخص الفقراء والمحتاجين». وفي هذا السياق كان لافتاً عدم تهافت الأهالي على ألاسواق الشعبية قبل عيد الفطر، كما كان يحصل عادة، رغم أن هذه الأسواق المتنقلة بين بلدة وأخرى، تشهد اقبالاً كثيفاً من قبل عامة الناس والفقراء، فعلى غير العادة لم يشهد سوق الأحد، في بلدة مجدل سلم ( مرجعيون)، حركة اقبال كثيف من ألاهالي، «رغم أنه السوق الأخير قبل حلول العيد»، يقول صاحب بسطة ألبسة، مستنكراً عدم قدوم الزبائن «نحن ننتظر هذه الأيام للتمكن من بيع منتجاتنا الرخيصة، وما يحدث هو كارثة بالنسبة لنا، وبالنسبة للزبائن أيضاً لأن الواضح أنهم غير قادرين على شراء ثياب العيد لأولادهم». وتحاول مريم رمال ( العديسة) أن تحيل الأزمة الى الغلاء فقط، فتقول "بعض الأهالي قرروا النزل الى بيروت والضاحية الجنوبية، هناك أعلن عدد كبير من التجار عن تخفيض أسعار منتجاتهم، كما يمكن للزبائن الحصول على ثياب جيدة بأسعار رخيصة كما يحصل اليوم في المجمعات التجارية الكبرى»، وتتهم رمال «التجار الكبار باستغلال زبائنهم من التجار الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة، ويضطرون لبيع ما اشتروه بأسعار مرتفعة نسبياً»، لكنها تستدرك قائلة «يمرّ الأهالي بأحلك الظروف الاقتصادية سوءاً، فأبناء المنطقة متوقفون عن العمل، والمغتربون لم يزوروا بلداتهم هذا العام، ما سيساهم في كبت فرحة الأهالي في عيدهم».