وجه أهالي بلدة وطى الجوز الكسروانية في حزيران الماضي كتاب اعتراض إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يطالبونه فيه بوقف ترخيص إنشاء مجبل الباطون الكائن في مدخل البلدة، علماً بأنّ مالكه هو أحد أصحاب الكسارات التي خُتمت بالشمع الأحمر. وعبّر هؤلاء في الكتاب عن استيائهم الشديد من هذا الترخيص الذي سيسبّب إعادة عمل الكسارات والمرامل بطريقة غير مباشرة، وبالتالي سيزيد مستوى التلوّث، ولا سيما أن وطى الجوز تقع خارج المخطط التوجيهي المحدّد بالمرسوم 1735 الذي صدر بتاريخ 15/4/2009. كذلك توجّه المحتجون في شكواهم إلى رئيس البلدية مارون أبي غانم.
ويرى هؤلاء أن الطريق المؤدية إلى هذه المنطقة محفوفة بالمخاطر بسبب مرور الشاحنات، ما يصعّب على المواطنين الوصول إلى منازلهم. في هذا الإطار، يسأل أحد أبناء البلدة عن سبب استمرار عمل المقالع بالرغم من صدور المرسوم، مشيراً إلى «استحالة العيش فيها بعدما بات يعمّها الخراب. فقد تحوّلت من بلدة اصطياف نموذجية ومنطقة زراعية غنية بالينابيع إلى ساحة مزروعة بالشاحنات والكسارات ومحافير الرمل وتفتك فيها رائحة البارود والمازوت».
هذا ما دفع مختار البلدة إيلي نخول إلى القول لـ«الأخبار» إن «وطى الجوز باتت تحتضر»، مطالباً القادة والمسؤولين باحترام تواقيعهم لوقف الانتهاكات بحق الطبيعة. وتمنى على رئيس الحكومة والوزارات المختصة أخذ هذه الهواجس في الاعتبار، تلافياً لأي ضرر بيئي سيصعب في ما بعد تداركه، لافتاً إلى ضرورة إبعاد الكسارات مسافة ألفي متر عن أول منزل في البلدة، علماً بأنها تبعد حالياً مسافة ألف متر فقط، ما يسبب خلافات مستمرة بين أهالي البلدة وأصحاب الكسارات.
تجدر الإشارة إلى أن المرامل والكسارات تعود إلى كل من نخلة زغيب وروبير مهنا، اللذين لا يزالان يمارسان العمل بشكل عادي، بعدما أصدر محافظ جبل لبنان قراراً سمح بموجبه للكسارات باستثمار الأرض تحت تسمية بورة لبيع مواد البناء ومغسل رمل وبحص إضافة إلى رخصة استصلاح أرض. من جهة أخرى يشير أحد المتضرّرين إلى أن المخالفات تحصل بغطاء سياسي، علماً بأن السياسيين الذين يتهمهم هم من بين موقِّعي تعديل المرسوم.
معاناة أهالي بلدة وطى الجوز لا تقتصر على عمل الكسارات، بل تضاف إليها مشكلة اجتياح الذباب للبلدة الذي لا يوفر منزلاً ومائدة مع مطلع كل ربيع، ما يدفع أهالي البلدة إلى التفكير في الهجرة، ولا سيما أن المزارعين يعمدون إلى وضع كميات هائلة من الأسمدة ذات الرائحة الكريهة، وخاصة سماد الدجاج. وبذلك باتت وطى الجوز عبارة عن «كيس نايلون»، بعدما كانت البلدة خضراء تقتصر زراعتها على بساتين من الفواكه الصيفية فتتحول إلى أراضٍ زراعية تغلب عليها البيوت البلاستيكية، وإلى مساحات شاسعة من الأراضي تزرع بالخضرة الموسمية.
كل هذه العوامل دفعت نخول إلى توجيه إنذار إلى المسؤولين بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة في حال عدم الاستجابة لمطالب الأهالي، كاشفاً عن نيته إرسال كتاب إلى قائمقام كسروان بالوكالة جوزف منصور ليطلب منه إعطاء التوجيهات اللازمة للمراجع المختصة من أجل إلزام أصحاب العلاقة وضع السماد الطبيعي خلال شهر تشرين الثاني ورش المزروعات في شهر أيار كحد أقصى دورياً بمبيدات صالحة للقضاء على الذباب والبرغش لإيجاد حل جذري ونهائي لهذه المعضلة، وإلا فستبقى القرية مسرحاً للقوى المستغلة التي تشكل سبباً لتهجير أبناء القرية.