لم يكن الشاب رولان شبير يعلم أنّ صديقه شربل ش. يتحيّن اللحظة المناسبة لقتله. لم يخطر في بال الشاب أنّ المال الذي أقرضه لصديقه الذي كان يمر في ضائقة مالية سيكون دافعاً للمقترض ليقتله. هكذا، وبدمٍ بارد، بدأ التخطيط للجريمة. رسم المدعى عليه خطة محكمة وانطلق من دون رادع. نفّذ الجريمة كقاتلٍ محترف. أنهى حياة صديقه مقابل بضعة مئات من الدولارات. ركن السيارة المستخدمة في الجريمة. كانت الجثة لا تزال فيها. قصد منزله لتبديل ملابسه ثم عاد. أزال لوحة التسجيل الخلفية. أخذ معه اسفنجة لمسح بصماته. رمى كل ما قد يُشير إلى تورطه. وكذلك مفتاح السيارة. استقل سيارة أُجرة إلى مكان سيارته. ومن هناك، تجوّل سارحاً في التفكير. رمى جهاز الهاتف الخلوي العائد للمغدور من نوع «بلاك بيري»، لكنه أبقى على جهاز «آي فون». لم يكتف بذلك، فقد وردت اتصالات عدة إلى هاتف رولان. أقفل الخط في وجه المتصلين. وأرسل رسالة إلى أحد أصدقاء رولان مضمونها: «زاك أنا بعدني معها». لقد كان يُخطط للتمويه أيضاً.
طال غياب رولان. وكان هاتفاه مقفلين. فقصد والده مخفر جبيل للإبلاغ بأن ابنه خرج ولم يعد. بدأ فرع معلومات جبل لبنان التحقيقات استناداً إلى حركة الاتصالات الهاتفية وقت حصول الجريمة. فتبيّن بذلك احتمال وجود المدعى عليه شربل ش. برفقة المغدور عند وقوعها. استُدعي الأخير إلى مكتب الفرع، فحضر وأفاد بأن سبب الاتصالات الهاتفية بينه وبين المغدور يعود إلى علاقة الصداقة التي تربط بينهما. وذكر أنه منذ فقدان المغدور لم يعد يعرف أي شيء عنه حتى اكتشاف جثّته، لكنه لم يلبث أن اختلق سيناريو مفبركاً. فأفاد بأنه اتصل برولان هاتفياً بهدف اللقاء وتمضية الوقت مع إحدى الفتيات. واتفقا على الذهاب إلى «شاليه» في منطقة اللقلوق. وبعد مرورهما ببلدة إهمج، طلبت الفتاة التوقف من أجل التقاط الصور لها. وفي أثناء ذلك، حضرت سيارة من نوع «هوندا»، ترجّل منها ثلاثة شبّان وتوجّهوا مباشرة بالحديث إلى الفتاة. فبادرهم المغدور بنبرة عالية مستوضحاً ما يريدون. حصل تلاسن، وما إن أدار رولان ظهره حتى تناول أحد الشبان بندقية من نوع «بومب أكشن» ووجّهها نحو المغدور، ثم أطلق عيارين ناريين باتجاهه وأصابه من الخلف ووقع أرضاً وسالت الدماء منه. وأضاف المدعى عليه إن الشاب الذي أطلق النار أمره بأن يحمل معه المغدور لوضعه في صندوق السيارة.
الرواية هذه لم يلبث شربل أن تراجع عنها، واعترف بأنّ ما قاله غير صحيح، كاشفاً أنه كان يُراوغ بهدف التملّص من مسؤولية ما ارتكبه. أعاد الشاب سرد رواية مختلفة عن سابقتها. كانت أكثر منطقية من الأولى، فذكر أنه سمع أخيراً عبر وسائل الإعلام عن تعرض بعض الأشخاص للخطف ودفع ذويهم مبالغ مالية للخاطفين من أجل تحريرهم. وأشار إلى أنه بسبب علمه بأحوال رولان المالية، قرر خطفه لطلب فدية من أهله، رغم علمه المسبق بإمكان اضطراره إلى قتله بسبب المعرفة بينهما. وعلى هذا الأساس، عرض عليه اللقاء بحجة الذهاب إلى أحد المطاعم وتدخين النرجيلة. وافق المغدور، والتقيا مقابل مكتب العدل في جبيل. ركن شربل سيارته ليصعد في سيارة رولان. كان قد أحضر معه بندقية صيد من نوع «بومب أكشن»، استعارها من صديقه رواد ز. بحجة أنه ذاهب إلى الجبل. وعندما شاهد المغدور البندقية، سأله عنها فأجابه بأنه يرغب في بيعها. كما أوهمه بأنه في صدد شراء قطعة أرض في بلدة بلاط، طالباً إليه الصعود إلى تلك المحلة لمعاينتها. وعند وصولهما إلى مكان معزول، ترجلا من السيارة. وأثناء إدارة المغدور ظهره، أطلق عليه عيارين ناريين فأصابه في ظهره ويده. وقع رولان أرضاً وبدأ بالصراخ. هنا أقنعه شربل بأنه سيضعه داخل صندوق السيارة بسبب الدماء التي تسيل منه. يشار إلى أنه أثناء وجود الضحية على الأرض سقطت منه ساعة يده، فالتقطها المدعى عليه. كما أخذ مبلغ مئة دولار أميركي وعشرين ألف ليرة لبنانية من جيب سرواله. لقد أقفل شربل صندوق السيارة وكان رولان لا يزال حيّاً. صعد بعدها إلى السيارة وتوجه بها إلى منطقة اللقلوق. هناك ركن السيارة، ترجل منها وفتح الصندوق حيث كان المغدور يلفظ أنفاسه الأخيرة. لم يرأف به، فوجّه البندقية باتجاهه وأطلق عياراً نارياً باتجاه الرأس.
بناءً على ما سبق، قرر قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد مكنا اعتبار فعل المدعى عليه شربل ش. مشكلاً الجناية المنصوص عليها في المادة 549 التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.