سيرة مدينية مصحوبة بمذاقات الحياة المعاصرة
ما نقرأه يدل على رغبة عبد الجابر في الالتحاق بمزاج شعري يراهن على اكتشاف الشعر في اليوميات الذاتية التي (قد) لا تهم أحداً، وفي التفاصيل النافلة والعابرة والمتناهية في الصغر. في قصيدة «فجأةً»، تتفاقم الوحدة إلى حدٍّ يسمح للأشياء بالتغلب على حضور المرأة: «فجأةً/ المروحة/ توقفت عن التلفت/ محدقةً/ تراقب تعابير وجهي/ صوت النيون/ يعبر من المطبخ إلى الغرفة/ كزيزٍ/ في ليلةٍ هادئة». وفي قصيدة «اليوم» تصبح أخبار الآخرين مادة لمضغِ الوحدة بطريقة مختلفة: «لم أكن في الباص ذي الزجاج المحطم/ الذي اصطدم بالحائط وكاد يقع في الوادي/ أحياناً/ كل شيء على ما يُرام». في كل الأحوال، لا تذهب قصائد سمر عبد الجابر، قصيرة أو طويلة، أبعد مما هو في متناولها. الحب أيضاً يشتغل في خدمة الوحدة. إنّه سبب إضافي لجعل الشعر ترجمةً كيفية للسيرة الشخصية، سواءٌ كانت حقيقية أو متخيلة. في قصيدة «لو أنكَ»، الحب نفسه ليس أكثر من رغبة متخيَّلة: «لو أنك/ حين أغفو/ تأتي/ لتخلع نظارتي عن وجهي برفق/ وتضع جانباً/ كتاباً وقع من يدي/ وتبسط/ فوق جسدي/ شرشفاً خفيفاً». الآخر حاضر بشكل طيفي ورجراج. القصيدة تؤرخ بقاياه: «كلما غادرتْ/ تتركُ شيئاً/ كبقايا سكّر/ على صينية قهوة». في الأثناء، تنتاب المرأة الوحيدة رغبات غير مستجابة مثل: «لنضع جانباً/ ساعتك/ وهاتفي/ والاحتمالات كلها/ ولتُبقِ يدك على كتفي/ خمس دقائق فقط».