ليال حداد
يتكتّم معظم أعضاء مجلس نقابة المحرّرين عن التفاصيل المحيطة بعملية انتخاب نقيب جديد. بعضهم يقول إنّ الموضوع «سرّي»، وبالتالي لا يمكن التصريح عنه لوسائل الإعلام! أمّا بعضهم الآخر، فيتفادى الحديث عن الملفّ قبل اتّضاح الصورة النهائية، ومعرفة اسم النقيب العتيد، الذي يُفترض به أن يخلف الراحل ملحم كرم.
باختصار، يحيط المجلس عملية اختيار النقيب الجديد بسرية تامّة. هكذا اكتشفنا مصادفةً أن المجلس حاول التوافق قبل أكثر من شهر على اسم منير نجّار، لكن التوافق سقط بعد معارضة جوزيف قصيفي وبعض الأعضاء الآخرين. ولم تقتصر عملية «تهريب» النقيب الجديد عند هذا الحدّ، إذ اتّضح مطلع الأسبوع أن المجلس حدّد يوم الخميس (اليوم) موعداً لجلسة انتخاب جديدة.
اليوم إذاً يُفترض أن يختار الأعضاء الـ11 نقيباً جديداً. وحتى الساعة، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لجلسة اليوم وفق ما يقول مصدر مطّلع على أوضاع النقابة: الحلّ الأوّل هو حصول انتخابات، سيتنافس فيها كلّ من جوزيف قصيفي من جهة، وحبيب شلوق من جهة أخرى. أما الحلّ الثاني، فهو التوافق على طانيوس دعيبس، ولكن هذا الخيار غير ممكن حتى كتابة هذه السطور، في ظلّ رفض قصيفي لأي عملية توافق تخرجه من المعركة. فيما يبقى الحلّ الثالث ضبابياً، في وقت يرجّح فيه بعضهم أن تؤجّل الانتخابات أو تلغى نهائياً، ليستمرّ وضع المجلس على ما هو عليه حتى انتهاء ولايته بعد سنة وثلاثة أشهر.
وكان الحلّ الثالث قد أثار استياء بعض أعضاء المجلس «الإصلاحيين»، الذين يرفضون استمرار عمل المجلس، ويعدّونه غير شرعي. وقد اقترح هؤلاء أن يجري الإعداد لانتخابات عامّة، ينتج منها مجلس جديد، ويقوم هذا الأخير بانتخاب النقيب، لكن يبدو أن هذا الاقتراح لم يلقَ ترحيب الأكثرية، التي تصرّ على اختيار نقيب في أسرع وقت ممكن، في ظلّ الحملة التي يتعرّض لها المجلس، والدعاوى القضائية التي رفعها رئيس «نادي الصحافة» يوسف الحويّك علىّ معظم الأعضاء. ويقول المصدر إنّه إذا بُتّت الدعوى، فإن القضاء سيتّخذ قراراً بحلّ المجلس وانتخاب آخر جديد.
وبالعودة إلى المعركة التي قد تجري اليوم، فإن أسئلة كثيرة تطرح نفسها، وخصوصاً في ظلّ التعتيم الإعلامي الكبير على العملية: هل هناك خلفيات سياسية للمعركة بين شلوق وقصيفي؟ ولماذا يرفض كلّ طرف الانسحاب لمصلحة الآخر في ظلّ دعوات التوافق التي يطلقها معظم أعضاء المجلس؟ ما هو برنامج كل مرشّح؟ وهل سيستمرّ وضع النقابة على ما كان عليه قبل وفاة ملحم كرم؟نظرة أولية للمشهد العام تعطي انطباعاً بأن الوضع لن يتغيّر، وخصوصاً أن طموحات المرشحَين تبدو حتى الساعة شخصية أكثر منها مهنية. مثلاً أحد المرشحَين يرى أن النقابة من حقّه لأنه خدم النقيب ملحم كرم طويلاً، وقد أمضى أكثر من 35 عاماً عضواً في مجلس النقابة. وبالتالي، يرى هذا المرشّح أنّه يستحقّ منصب النقيب كمكافأة على أتعابه!
وإن كان كل أعضاء المجلس يحاولون تجاهل الخلفيات السياسية للمعركة، ويؤكدون أنّ عمل النقابة «سيستمرّ كما كان في عهد النقيب الراحل بعيداً عن السياسة»، فإنّ الواقع يظهر عكس ذلك. معظم المتكتّلين حول حبيب شلوق (صحافي في جريدة «النهار»، مقرّب من البطريرك صفير) هم من 14 آذار. أمّا مؤيدو جوزيف قصيفي (كتائبي سابق، مقرّب من كريم بقرادوني)، فهم من المعارضة السابقة مثل عرفات حجازي، وعلي يوسف... وقد تسرّبت أخبار، في الفترة الأخيرة، تؤكّد أنّ المرشحَين زارا القوى السياسية الفاعلة في لبنان، وخصوصاً القوى المسيحية في محاولة منهما للحصول على تأييدها، إلا أن هذه القوى فضّلت البقاء بعيدة عن المعركة... أقلّه أمام الإعلام. هكذا تنفي أبرز الأحزاب المسيحية («الكتائب»، و«القوات»، و«التيار الوطني الحر») أن تكون معنية بهذه الانتخابات، وتُجمع على أنّ المهمّ «هو تطوير النقابة وتحديثها».
يرى بعضهم أنّ المعركة هي على صندوق النقابة الذي يحوي ثلاثة ملايين دولار
إدراج مارونية نقيب المحررين في النظام الداخلي، تكريس لطائفية النقابات
يبدو أن نقيب الصحافة محمد البعلبكي (الصورة) غير ر
اضٍ عن مجلس نقابة المحررين. وقد أعرب البعلبكي، الذي يرأس لجنة الجدول النقابي للصحافة اللبنانية (وتضمّ المنتسبين إلى نقابتَي الصحافة والمحررين)، عن امتعاضه من قرار المجلس بفصل يوسف الحويّك وفاطمة حوحو قبل أسابيع من دون الرجوع إليه. وبعد وفاة كرم، نقل مقرّبون عن البعلبكي قوله إن الاتهامات التي وجّهت إلى المجلس بأنه غير شرعي، صحيحة، لأن معظم أعضاء المجلس يشغلون منصب مدير مسؤول في مطبوعات عدة، ويجب أن يكونوا أعضاءً في نقابة الصحافة لا نقابة المحررين.