بشير صفيرعندما سمع صاحب أحد أجمل الأصوات في عالم الروك، الراحل جيف باكلي، صوت عليم قاسيموف، أصيب باكتئاب شديد، وكاد أن ينهي مسيرته الفنية. إلى هذه الفئة، ينتمي المغني الإيراني محمد رضا شجريان، الذي لا نكاد نفرّق بينه وبين زميله الأذربيجاني (زار لبنان منذ سنتين) من حيث النبرة والطاقة الصوتية التي تضاف إلى العناصر الموسيقية المشتركة بين ثقافة بلدَيْ الفنانَيْن الموسيقية. مساء غدٍ، نصل إلى مسك الختام في «مهرجانات بيت الدين»، مع أمسية شجريان، أحد أبرز حاملي راية الغناء الفارسي التقليدي الكلّيّ النقاوة، مع فرقته «مجموعة شهناز» التي تتألف من عازفي آلات تراثية إيرانية أو شرقية عموماً. شجريان الذي بدأ مسيرته في الغناء منذ نصف قرن، يستحيل تسجيل ولو ملاحظة عابرة واحدة على مساهمته الفنية. درس الموسيقى، فأتقن قواعد استخدام آلتَيْن. الأولى، وهي الأعقد والأجمل والأكثر تأثيراً في النفس، أي الصوت البشري. والثانية، هي آلة وترية تراثية شرقية، ونقصد السنطور. غير أن شجريان هو مغنٍ أولاً، وعازف سنطور ثانياً. إذ تتخذ مساهمته في العزف عليه دوراً ثانوياً في إنتاجه (وقد يتخلى عنه أحياناً). بالإضافة إلى الغناء والعزف،

أحد أبرز حاملي راية الغناء الفارسي التقليدي يعتمد المقدِّمات الموسيقيّة المرتجلة أو المكتوبة

يدرّس شجريان في جامعة طهران، ويبحث في التراث الموسيقي والغنائي الفارسي. من جهة ثانية، أقام شجريان حفلات في أقطار العالم، وأصدر أسطوانات عدّة.يعتمد الفنان الإيراني المقدِّمات الموسيقية المرتجلة أو المكتوبة، التي يليها عموماً موّالٌ مع مرافقة وفواصل موسيقية مرتجلة. بعد ذلك، يأتي الغناء المضبوط إيقاعاً ولحناً، قبل العودة من جديد إلى اللعبة ذاتها. يفرض هذا الأسلوب الفني التقليدي المحافظة على جوّ عام. هذا ما يجعل ألبومات شجريان عبارة عن خطاب موسيقي متماسك. من هنا، لا يمكن، في معظم الأحيان، اختيار مقطع معيَّن للاستماع إليه. كما لا يجوز التلاعب بتسلسل المقطوعات كي لا ينهار تماسك الأسطوانة بسبب عدم احترام تدرّج الأعمال الواردة فيها. في تناول فنان كشجريان، لا ينفع كل هذا الكلام الإنشائي. حضور الأمسية والاستسلام لأنغام «مجموعة شهناز» في مرافقتها المغني المخضرم يفوقان كل وصف. الإيرانيون يلحنون الكلمات عندما يتحادثون أو حتى عندما يلقون خطاباً ثورياً، فكيف إذا غنوّا؟!


ليلة غد الجمعة ـــــ «مهرجانات بيت الدين» ـــــ للاستعلام: 01/999666