لم تعد المسلسلات التاريخية حكراً على الدراما المصرية والسورية. ها هي قناة «الشرقيّة» العراقية تقدّم عملاً يروي سيرة فيصل الثاني
باسم الحكيم
بعدما جذبت بغداد أنظار العالم منذ الغزو الأميركي للعراق قبل سبع سنوات، وشكلت مادة دسمة للسينما والتلفزيون، وجد العراقيون في تاريخ عاصمتهم مادة تستحق الإضاءة عليها. وهذه المادة ليست سوى الفترة التي سبقت انتقال البلاد من النظام المَلَكي إلى الجمهوريّة.
في زحمة الإنتاجات الدراميّة بين القاهرة ودمشق عن سِيَر ملوك وأدباء وفنانين، لن تكون بلاد الرافدَين وتاريخها الحديث بعيدين عن الشاشة الصغيرة في رمضان. بل إنّ سيرة الملك فيصل الثاني (1935ــ 1958)، آخر ملوك الأسرة الهاشميّة في العراق، ستبصر النور على قناة «الشرقيّة» العراقيّة في شهر الصوم ضمن مسلسل «آخر الملوك» للمخرج العراقي حسن حسني. وتشارك في العمل مجموعة من الممثلين من العراق، وسوريا، ومصر وأبرزهم العراقي الشاب خليل فاضل خليل الذي يجسّد شخصية الملك فيصل. بينما يؤدي حكيم جاسم دور الأمير عبد الإله الذي تولى الحكم حتى بلوغ فيصل سن الرشد.
وعلى خطى الدراما التاريخيّة الشهيرة «الملك فاروق»، لن يكتفي «آخر الملوك» بطرح سيرة ملك تربع على العرش وهو في الرابعة، بل سيرصد ظروف الحياة السياسيّة، والاجتماعيّة، والثقافيّة، والفكريّة التي نشأ فيها، ضمن قالب درامي يتوقف عند أبرز الاحداث التي أثّرت في تاريخ العراق.
إذاً العمل الجديد الذي كتب نصّه العراقي فلاح شاكر، سيضم حشداً من الممثلين العرب منهم: طه علوان في دور نوري السعيد، وفلاح هاشم، وفتوح أحمد، ونهال عنبر، ودينا أبو السعود، ومحمد خير، وأحمد رافع.
يؤكد المخرج أنّ العمل ليس سياسياً بل ذو طبيعة إجتماعيّة
واهتمت قناة «الشرقيّة» بالترويج للعمل الذي أنتجته، فأعلنت أنهّ «أضخم إنتاجاتها على الإطلاق». واختارت مشاهد منه لتحضّر سلسلة إعلانات ترويجيّة، مع تعليقات تختصر مشوار الملك القصير مع الحكم، منها «فيصل الثاني من صعوده، حتى سقوطه مضرّجاً بالدم». ويتوقف العمل عند تاريخ 14 تموز (يوليو) 1958، حين استيقظ الملك على أصوات طلقات نارية، ليكتشف أن إنقلاباً حصل وأنّ «الضباط الوطنيين» بقيادة عبد الكريم قاسم فرضوا سيطرتهم على النقاط الرئيسة في بغداد، وأعلنوا قيام الجمهورية، وإنتهاء عهد الملَكية.
صُوِّر العمل في دمشق ومحافظات سوريّة أخرى، وأوضح المخرج حسن حسني أن العمل ذو طبيعة إجتماعيّة في الدرجة الأولى. ويتحدث المخرج عن تولي الملك الحكم في العراق بين 1953 و1958، واللحظات الأخيرة قبل اغتياله وبعدها. وأشار إلى أنه يكشف عن طبيعة الملك ـ الإنسان، وكيفية تعامله مع محيطه الاجتماعي، وعن حبه لبلده، مظهراً طموحاته لعراق مختلف. وينفي المخرج أن يكون العمل سياسيّاً أو أنه يكتنف حنيناً إلى الملكيّة، لكنه يضع على عاتقه الكشف عن أمور خاصة في حياة الملك، ويسأل: لماذا لم يتزوج؟ «كل ذلك دون إقحام مباشر للتاريخ».
ودأب المخرج وفريق العمل على البحث عن أماكن تصوير مناسبة، كالقصر الذي عاش فيه الملك فيصل، ووجدوا طلبهم في سوريا «إنها الأقرب جغرافياً للعراق، وعلينا استحضار الفترة التاريخية مع الحرص على إخفاء كل ملامح العصر الحديث من صحون لاقطة وسيارات حديثة» يقول المنتج علي السعدي.
لا يشكل «آخر الملوك» أول إنتاجات محطة «الشرقية»، فقد حرصت منذ إنطلاقتها على تقديم أعمال مقتبسة من نبض الشارع وركّزت على الاحتلال الأميركي للعراق وسقوط نظام صدام حسين. كما أنتجت سابقاً مسلسلاً عن رئيس الوزراء أثناء الحكم الملكي نوري السعيد.