لمى طيارة«خشيت زيارة القاهرة كما أخشى أن أزور دمشق رغم أنني أتمنى ذلك. والسبب أنّه مكتوب على جواز سفري في خانة المهنة: فنانة. وهذا يؤرقني، أعرف أنّ سمعة المغربيات سيئة لدى بعض الشعوب لكنهن في الحقيقة مظلومات». هذا ما قالته مريم أجادو الممثلة الشابة التي لعبت دور البطولة في فيلم «المنسيون في التاريخ» لحسن بنجلون الذي شارك أخيراً في «مهرجان تطوان». وهذه الجرأة على قول الأشياء، من مميّزات «المنسيّون» الذي يحمل توقيع حسن بنجلون. تعتمد السينما المغاربية غالباً على الدعم الخارجي. لذا يضع بعض المخرجين نصب أعينهم حسابات واقعيّة، لها علاقة بإنتاج أعمالهم ومجالات التسويق لها. بعضهم يعيد إنتاج الواقع بما يتناسب مع نظرة الآخر، وبعضهم يغضّ الطرف عن مواضيع سياسية وإنسانية «حسّاسة». لكن المساومة ليست من شيم المغربي حسن بنجلون، وآخر أفلامه «المنسيون» دليل على ذلك. يتطرق الشريط لمشكلة الفردوس الموعود الذي يلهث وراءه، شباب المغرب العربي، سعياً وراء حياة أكثر إنسانيّة وحريّة وكرامة... فإذا بالفردوس الذي ينتظرهم، أشبه بجحيم، يجرّدهم من إنسانيّتهم، ويجعلهم ضحايا لكلّ أشكال الاستغلال.

«المنسيون في التاريخ» عن البطالة والهجرة السريّة وتجارة الرقيق

الشابة القروية يامنة (مريم أجادو) تفقد عذريتها مع أحد شبان القرية الذي يسافر بحثاً عن تأمين المستقبل، واعداً إياها بالعودة ليتزوجها. بعد انتظار، تجبر الفتاة على الزواج من تاجر غني في القرية، فينكشف أمرها. ما يضطرها للهروب. يقترح عليها سائق الشاحنة الذي يساعدها في الهرب، أن تلتحق بفرقة راقصات متجهات إلى بلجيكا. تفرح الصبيّة، وتقبل على أمل أن تعثر على حبّها الأوّل. ثم تكشف أنّها وقعت فريسة مافيا للدعارة. من خلال بطلة بنجلون، نتعرّف إلى هذا العالم السفلي القائم على القسوة والعنف واستغلال الحلقة الأضعف في المجتمع.
يعتبر «المنسيون» من الأعمال الجريئة ليس بسبب المشاهد الجنسية التي يعرضها، بل من خلال الطرح الذي يقدّمه. يقترب بنجلون من الواقع البائس الذي يعيشه الشباب المغربي، ويتطرّق إلى قضايا حارقة كالبطالة والفقر والهجرة غير الشرعية. نقرأ الفيلم بصفته اتهاماً صريحاً، وموجعاً، لأطراف وعناصر شتّى، تتواطأ في ما بينها لخلق الظروف الموضوعيّة المسؤولة عن إنتاج حالة البؤس المخيف التي يتخبّط فيها جيل كامل في المغرب. هناك المجتمع والعائلة والدولة... هناك أيضاً التواطؤ الأوروبي الذي يشجّع على استدراج هؤلاء الضحايا إلى الآلة الجهنمية التي ستتولّى استغلالهم. «المنسيون» هو قطعاً من التجارب الأساسيّة في السينما المغربيّة الجديدة...