سناء الخوري
لعبة «غميضة» تلك التي يقودنا إليها غي نادر (1981) في عرضه «حيث تختبئ الأشياء». الكوريغراف والمخرج المسرحي اللبناني الشاب يستوحي أرضيّة عمله من لوحات رينيه ماغريت. رغبة التشكيلي البلجيكي الدائمة في الذهاب إلى ما هو خلف الصورة والرمز، يستلهمها نادر للتلاعب بوظائف الأشياء المعتادة. يفعل ذلك في إطار بحثه الدؤوب عن طاقات جسده الخفيّة.
هذا الهاجس تحديداً، كان النافذة التي دخل منها نادر إلى عالم المسرح الراقص. خريج قسم المسرح في «معهد الفنون الجميلة» في الجامعة اللبنانيّة، خاض رحلة ذاتيّة إلى أبعد الحدود على طريق استنفاد كلّ إمكانات الجسد. «دينميّة الحركة جعلتني أتواصل مع ذاتي، وأعي طرق التعبير الفضلى عن مكنوناتها»، يقول.
رحلة نادر مع المسرح الراقص بدأت برفقة «مقامات»، بعد باكورته المسرحيّة «أكل الولد» (2005) على خشبة مسرح «دوّار الشمس». وفي عام 2006، سافر إلى إسبانيا حيث عمل مع فرقة «إيليكان» في برشلونة، على اكتشاف أبعاد جديدة للرقص المعاصر والارتجال. بعد تجربة «بين بيروت وبرشلونة» (2009)، اشتغل نادر على «حيث تختبئ الأشياء» الذي تحتضنه خشبة «مسرح المدينة» في عرضه الأوّل مساء 30 نيسان (أبريل) الحالي. لولا عرض نادر، وتجارب مجموعة «تكوين»، لكان برنامج Bipod هذا العام خالياً من العروض العربيّة المعاصرة. لا ننسى هنا سكوربن، راقص الـ«هيب هوب» اللبناني الشاب الذي سيقدّم ثلاث وصلات إيقاعيّة بين مدخل «مسرح المدينة» في شارع الحمرا (اليوم و 22/4) و مسرح «مونو» (غداً).
«حيث تختبئ الأشياء» مونولوغ راقص صممه غي نادر، ترافقه الراقصة الإسبانيّة ماريا كامبوس. سنلاحقهما في عمليّة بحث عن أشياء صغيرة، بين ملابس المؤدين، وفي ثنايا الخشبة، وحتى في الهواء. العرض كلّه تنويعات مجازيّة على فكرة الحقيقة الظاهرة، والحقائق المستورة والمضمرة. من خلال العبث بتناقضات الظاهر والباطن، يحفر نادر بفكاهة تحت الأشياء المرئيّة والمحسوسة والعادات الأليفة، ليخرج الجسد من سياقه البديهي. ما الذي يختبئ في جسدنا؟ مغامرة تنقيب في هذا العالم السريّ يدعونا إليها غي نادر... سيرافقه فيها بالون برتقالي يشبه إلى حدّ ما بالون إيليا سليمان الأحمر الشهير في «يد إلهيّة».


8:30 مساء 30 نيسان (أبريل) الحالي ـــــ «مسرح المدينة»