وسام كنعان
شغف مظفر سلمان بالتصوير، ولد لحظة التقاء حميمية الحالة الإنسانية مع واقع التقنية. كان يحاول تظهير آخر فيلم صوّره والده قبل رحيله، لكنه لم يتمكّن إلا من استخراج صورة واحدة، بسبب مرور سنوات طويلة بين تصوير الفيلم وتحميضه. هكذا قرر مظفر أن يصبح مصوراً. نال دبلوماً في التصوير الضوئي من «المركز المهني الدولي ــــ حمص» عام 2003، ثم حصل في العام نفسه على شهادة خبرة في الترميم الأثري من «جامعة وارسو ــــ تدمر»، ويعمل اليوم مصوراً صحافياً.
في عام 2006 فاز بمسابقة Crossing Glances للتصوير في روما. وقد انتظر كلّ هذه السنوات، كي يقيم معرضه الأول الذي احتضنه أخيراً «معهد غوته» في دمشق، وأطلق عليه اسم Punctum. هذا المعرض الأول جاء مخالفاً لمنهجية صاحبه الذي كان يعتقد أنه قادر على التقاط الفرح. لكنّ أعماله جاءت تطبق بإحكام على مواقع الألم... غاصت عدسته، من حيث لا يدري ربّما، تحت خط الفقر، لتلتقط وجوهاً مشردة أنهكها التعب والبحث عن لقمة عيش. هناك وجوه أخرى تكاد تنهار أمام العدسة، فتظهر مكنوناتها من خلال تفاصيل ملتقطة في منتهى الدقة والاحترافية.
جال الفنّان بكاميراه في أكثر من محافظة سورية، ليعود بصور، معظمها بالأبيض والأسود، تشبه الواقع السوري. لحظات مسروقة من

وجوه مشردة أنهكها التعب والبحث عن لقمة عيش

الحقيقة، تُسقط كل البهرجات ومحاولات التزييف. أمهات يرضعن أطفالهن على ناصية الطريق، وأطفال يتهافتون على شربة ماء، وفي مكان آخر يعبث بهيئتهم التشرد. ويطيل سلمان التدقيق في زواريب عشوائيات دمشق بمناظر غاية في الدهشة، بينما سيراقب الطيور بأكثر من لوحة بحثاً عن الحرية.
وبين أجمل أعمال المعرض ربّما، الصورة التي أطلق عليها اسم «في انتظار أنجلينا جولي». هنا، صوّرَ رجلاً خمسينياً يغط في نوم عميق على أحد مقاعد الحديقة العامة. عندها، كان مظفر ينتظر أنجلينا جولي في زيارتها الأخيرة إلى دمشق، كي يلتقط لها صوراً، لكنها لم تأت، فعاد بأجمل صورة لمعرضه الأول.
يحاول مظفر سلمان، غالباً، أن يرسم بورتريهات من نوع خاص، تجذب المتفرج ثم تتركه وجهاً لوجه مع حيرته... ربّما لأنّه منشغل دائماً بتصوير الشعور الذي يخترق موديلاته البشريّة لحظة مواجهتها مع العدسة. وقد نجح في ذلك، إلى حد كبير.