strong>سناء الخوريغابي وسابين مهرِّجتان، تمتهنان سرد القصص. لحظة لقائهما كافية لنشر شحنة من الفرح والطاقة في المكان. تجد نفسك وقد تقمّصت تلقائياً مزاجهما المبتهج، حتّى لو كنت متعباً، أو نعسان، أو تعاني صدمة عاطفية. غابي مونوز وسابين شقير، ممثلتان مسرحيتان، الأولى مكسيكيّة، والثانية لبنانيّة. التقت الاثنتان في «مدرسة المسرح الجسماني» (LISPA) في لندن، حيث تابعتا صفوفاً متقدّمة في تقنية جاك لوكوك. منهجيّة المعلِّم الفرنسي في استخدام الأقنعة والدخول من خلالها إلى فضاءات مسرحيّة غرائبيّة، ألهمت الشابتين ورشة عمل «المهرّج داخلي» Clown me in، التي تديرانها ابتداءً من الغد في جمعيّة «أوراد» (سن الفيل ـــــ بيروت). الفكرة كما تلخّصانها بسيطة: «ضع أنفاً أحمر، قف على المسرح، واحفر في ذاتك!» الهدف أن يكتشف كلّ مشارك مهرّجه الدفين، ويقبله كما هو بأخطائه وعثراته ومشاكله وحدوده. بين مكسيكو، ولندن، وبيروت، عملت شقير ومونوز مع أطفال وشباب ومدمني مخدّرات على اكتشاف الجانب الخفي في شخصياتهم. خلال الأيام الماضية، جالتا بين بعلبك، وطرابلس، والهرمل، ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ومكتبات بيروت العامّة، لتقدِّما وصلات حكاية وكوميديا، على طريقة صاحب الأنف الأحمر. ذاك البهلول الذي نضحك على عثراته، وأخطائه، وجراحه، موجود في كلٍّ منّا. مونوز وشقير تفتحان أمامه باب الاختبار والتجريب.

مونوز وشقير: clown me in في بيروت
فكرة المهرّج والتهريج نافذة على مرجعيات عدّة في الأساس، وليست مخلوقات السيرك ذات الشعر الملوّن والوجه الضاحك ـــــ الأبله إلا أكثرها بديهيّة. بعض أفلام الرعب جعلت المهرّج قاتلاً متسلسلاً، فيما آثرت بعض المنجزات الأدبيّة العودة بالشخصيّة إلى أصلها، أي إلى كرنفالات القرون الوسطى، وبلاط الملوك، حين كان قناع التهريج من وسائل التحايل على القمع. حتّى هاملت نفسه، اختار أن يستر غضبه ورغبته في الانتقام تحت قناع المجنون/ المهرّج. تعي شقير ومونوز تراكمات الشخصيّة، لكنَّهما تفضلان تفاديها في محترفهما. معهما، لا يبقى من المهرّج كلّه إلا الأنف الأحمر، ابتداءً من الغد إذاً، ستقودان عمليّة بحث عن مفعول تلك الكرة الفاقعة، في ورشة Clown me in بيروتية.
«إنّها حالة وجود، ورغبة في التواضع وأخذ الحياة ببساطة»، تقول سابين شارحةً منهجيّتهما وتضيف«بداية الورشة تكون عادةً مع ألعاب أطفال قبل أن ننتقل إلى تمارين أكثر حساسيّة». «المهم أننا نضحك كثيراً»، تذكرها غابي «والإضحاك من أصعب المهمّات إطلاقاً». المحترف كلّه تلاعب على فكرة القناع الذي لا يستخدم هنا للإخفاء، بل للكشف والاكتشاف.

حتّى 30 نيسان (أبريل) الجاري ـــ ثم من 3 أيار (مايو) حتّى 7 منه ـــ «جمعيّة أوراد» (سن الفيل/ لبنان) للاستعلام: 03/689309