هذا الموسيقي لا يتعب من خوض التجارب. العمل الذي يطلقه غداً في «مونو»، يتضمّن ألحاناً تتفاوت في جمالها وتماسك مسارها

بشير صفير
«دوزان» أو Doux Zen (فوروورد ميوزيك) هما عنوانان لألبومٍ واحدٍ، ولفظة واحدة بلغتَيْن ومعنيَيْن. لكنهما يدلان على مهنة وشخصيّة الفنان شربل روحانا (1965) صاحب العمل. الدوزان هو ممارسة موسيقية يومية لعازف العود اللبناني. والـDoux Zen هو تلك الهالة من السكون والسلام و«الرواق» التي تحيط بروحانا، وبتصرفاته وحديثه وعزفه أيضاً. يأتي «دوزان» بعد أقل من عامين على صدور «شغل بيت» (Forward Music) الألبوم الذي شاركت في تنفيذه «فرقة بيروت للموسيقى الشرقية». غير أنه يختلف عنه شكلاً ومضموناً، كما عن جميع أعمال شربل روحانا السابقة.



مقطع من DOUX ZEN








لا يزال عازف العود البارع، والمؤلف الموسيقي ذو الأسلوب الخاص، أميناً لبساطته كما لوتيرته في العمل. وفي ظل الأمانتَيْن، لا يتوانى روحانا عن البحث، وعن خوض التجارب الجديدة التي لا يدفعها قطّ إلى حدود غير مكفولة النتائج.
بعد تجربة الأغنية في أسطوانة «خطيرة...» (2006)، يقدِّم شربل روحانا في جديده سبع ثنائيات لآلتي عود، مستعيداً بذلك ذكريات تعود إلى عام 1995، يوم أدّى مع الفنان مرسيل خليفة مؤلفته الضخمة «جدل». ويعلق روحانا هنا وهناك في «دوزان»، تذكاراً احتفظ به من «جدل»، محافظاً على خصوصيته في التعبير. لكنه، بخلاف «جدل»، يعتمد فقط على ثنائي العود، مسقطاً من التركيبة



مقطع من BASMA








الرباعية التي اعتمدها خليفة، القسم الإيقاعي أو الـrhythm section إذا جاز التعبير، أي الدفع الإيقاعي لآلة الباص والإيقاعات. في حال التدوين الموسيقي الدقيق، لا حاجة قصوى إلى آلة قرعية تضبط الإيقاع. كما في أي سوناتة لآلتين مختلفتَيْن ومتشابهتَيْن في الموسيقى الكلاسيكية. ويُستثنى من المقطوعات السبع، «بسمة» التي يشارك في أدائها الرِّق.
الشراكة في الألبوم، كما في أمسيتَيْ إطلاقه غداً وبعد غد في «مسرح مونو» البيروتي، هي لعازف العود إيلي خوري الذي ارتبط في السنوات الأخيرة بمشروع شربل روحانا الموسيقي. وعموماً، يقوم الثنائي بأداء يأخذ أشكالاً عدّة، كتنفيذ الجمل ذاتها في الوقت نفسه (Unisson)، أو التسليم عبر عزف ألحان متتالية، أو العزف المتوافق أو المتقابل هارمونياً. إضافة إلى مساندة الأول لإتاحة المجال في الإسهاب للثاني، والعكس... أو توَلّي أحدهما التقاسيم خلال ترقُّب الآخر. في كل الحالات، باستثناء العزف المنفرد والتنفيذ المتتالي، تتيح الهندسة الصوتية التمييز بين المساهمتَيْن، والسمع الأفضل عبر التقاط نبرات كل آلة من مسافتَيْن (قريبة في الواجهة: روحانا وبعيدة في الخلفية: رزق). وتساعد في هذا الاتجاه أيضاً النبرة الفريدة لكل من العودَيْن (عود شربل رخيم وعود إيلي ثاقب)، ما يتيح تعرُّف الأذن عليهما على نحو منفصل، وتلقّيهما مجتمعَيْن.

العود الثاقب (إيلي خوري) والعود الرخيم (روحانا)
من ناحية أخرى، تتفاوت الألحان في جمالها وتماسك مسارها بين قطعة وأخرى، أو ضمن المقطوعة نفسها. أما بالنسبة إلى التوافق النغمي، فهو موجود، لكن لا يعوّل عليه بالقدر المطلوب، ما كان ليعطي الألبوم ثقلاً إضافياً، ومواد حافظة لسنواتٍ مقبلة، وخصوصاً أنّ الشق المرتجل، أي التقاسيم، غير طاغٍ على العمل، وكذلك النفس الشرقي الصَرْف. إذ يقف روحانا، كما في معظم أعماله السابقة، القديمة والجديدة، على مسافة واحدة من الشرق (بالمعنى الكلاسيكي التقليدي) والغرب (بالمعنى العام).
تجدر الإشارة إلى أن شربل روحانا، الحائز جوائز عدّة، محلية وعالمية، هو من أبرز الأكاديميِّين العرب في مجاله. وله منهج جديد في العزف على العود من ثمانية أجزاء. أما نشاطه الفني ونتاجه الموسيقي، فيشملان مشاركاته العديدة كعازف عود إلى جانب أبرز الموسيقيين اللبنانيين، إضافة إلى أعماله الخاصة التي صدرت في أسطوانات عدة، أبرزها «مدى» و«سلامات» و«مزاج علني» و«العكس صحيح» و«همزة وصل»...


9:00 مساء غد الجمعة والسبت ـــ «مسرح مونو» (بيروت) ــ للاستعلام: 01/202422
www.forwardmusic.net