وائل كفوري وفضل شاكر وجورج وسوف وغيرهم من الفنانين باتوا «يتمنّعون» على الإعلام المكتوب. وقد جاءت حفلة إطلاق ألبوم إليسا لتعيد فتح هذا الملف وتلك العلاقة الملتبسة
هناء جلاد
غالباً ما يستغلّ الصحافيون مناسبة إطلاق الفنان لألبوم جديد، بغية تقويم عمله ومسيرته، والوقوف عند رأيه في آخر التطورات على الساحة الفنية والتركيز طبعاً على الجوانب الساخنة من حياته الخاصة. لكنّ قواعد هذه اللعبة تغيّرت أخيراً، بعدما راح عدد كبير من النجوم يتجنّبون التعاطي المباشر مع الصحافة المكتوبة. وجاء إطلاق إليسا لألبومها «تصدق بمين» عن «روتانا» ليؤكّد هذه النظرية ويعيد فتح ملف علاقة الفنانين بالإعلام عموماً، وخصوصاً المكتوب منه، إذ اقتصرت لقاءات المغنية اللبنانية على مطبوعتين فقط. كذلك فإنها أقامت حفلتين منفصلتين لمناسبة إطلاق الألبوم: الأوّلى خصصت للمعجبين في «فيرجين ميغاستور» (بيروت) من دون أن تدلي بأي حديث إلى وسائل الإعلام، وقد اقتصر الحضور الصحافي على المصوّرين. أما اللقاء الثاني فكان حصرياً جداً، حضرته مجموعة من أصدقائها المقرّبين والمسؤولين في الشركة السعودية وعدد قليل من الإعلاميين. وفي الحالتَين، خاب أمل الصحافيين وتبخّرت آمالهم في التحدّث مع إليسا للوقوف عند تفاصيل أغانيها الجديدة بهدف نقلها إلى القراء.
طبعاً، ليست إليسا من دشّن هذه الظاهرة. في البداية، كان جورج وسوف أوّل من بدأ برسم خطوط هذه الاستراتيجية الجديدة في التعاطي مع الإعلام المكتوب. ومع الوقت، تحوّل «سلطان الطرب» إلى «هدف مستحيل»، يربط إطلالاته بظروف معينة وشروط صعبة. حتى إنّه حصر هذه الإطلالة بالمحطات الفضائية التي راحت تتنافس على المزايدة في رفع أجره، بغية كسب حضوره على شاشتها.
وعلى خطى«سلطان الطرب»، عمد كلّ من وائل كفوري وفضل شاكر إلى الابتعاد عن الصحافة، وحصروا العلاقة في مكتب إعلامي يصدر البيانات من حين إلى آخر. هكذا عمِل كفوري بنصيحة أستاذه الأول المخرج سيمون أسمر، ومفادها أنّ «النجم لا يُطال». من جهته، اتخذ فضل شاكر هذا الموقف بعد أزمة سبّبها تحوير كلامه في إحدى المطبوعات. ومنذ ذلك الوقت، يبرّر شاكر غيابه بالقول إنّ هناك دخلاء على مهنة الصحافة التي يحترمها.

جورج وسّوف أول من رسم الحدود مع الصحافة المكتوبة
وإن كان لكل هؤلاء أسبابهم الشخصية في «التمنّع»، فإنّ هذه الاستراتيجية أصبحت بالنسبة إلى بعضهم الآخر وسيلةً مثاليةً للترويج لأنفسهم كسلعة نادرة، ما يرفع أجورهم إلى أرقام خيالية. هكذا، بدأت الفضائيات تدفع لنجوم الغناء والتمثيل مبالغ خيالية مقابل ظهورهم في برامجها، منها «تاراتاتا» («دبي» الأحد 21:30) و«آخر من يعلم» (mbc1 الاثنين 22:00)... ولا تقف حدود امتيازات الفنان عند هذا الحدّ، بل تتعداها ليشارك النجم في وضع الأسئلة والسيطرة على عملية المونتاج، واقتطاع كل ما لا يعجبه من المقابلة.
هذه الظاهرة لا تقتصر على لبنان، بل تتعدّاه إلى مختلف دول العالم العربي، وامتدّت إلى أبطال الدراما السورية الذين بدأوا بفرض شروطهم قبل الموافقة على إجراء أي لقاء صحافي. كذلك صار بعض نجوم الفن في مصر يلجأون إلى القضاء أو إلى التكذيب على شاشات التلفزة عند نشر أي مجلّة أو صحيفة خبراً يعدّونه مسيئاً إليهم.