الرياض ــــ بدر الإبراهيمشيخ سلفي وقبله شيخ شيعي وبينهما مفكر إسلامي مثير للجدل. هذه هي القائمة الأخيرة للممنوعين من دخول الكويت. وهو ما أثار جدلاً واسعاً، وتراشقاً طائفياً وصل أخيراً إلى تقديم مشاريع قوانين تحدّد «خطوطاً حمراء» على السلطات، وتمنع من يتجاوزها من دخول البلاد. في البلد الذي تتعطل فيه عجلة التنمية ويتنفس الطائفية متأثراً بالأجواء المحيطة، لا يُستغرب هذا النقاش الطائفي العقيم. لكن الخطير أنه بات يفرض نفسه على خيارات الدولة وأصبح حارساً لبوابة البلاد فيسمح لهذا ويمنع ذاك.
في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، مُنِع نصر حامد أبو زيد من دخول البلاد، للأسباب ذاتها التي يمنع بسببها عادةً: فهو مفكر نقدي وفكره يسنفزّ التقليديين والمتزمتين. ومنع الشيخان باقر الفالي ومحمد العريفي، بسبب إساءتهما ذات النفس الطائفي إلى رموز دينية. ورغم الاختلاف بين قضية أبو زيد بما تمثله من بعد فكري وقضية الشيخين المتزمتين، وما تمثله من بعد مذهبي تحريضي، إلا أنّ المشترك هنا تشريع المنع... والتنافس على إقصاء الخصوم داخل الكويت.
بعض النواب السلفيين في مجلس الأمة اقترحوا مشروع قانون يحظر دخول من يسيء للذات الإلهية أو الصحابة، والنواب الشيعة رفضوه وربما يكون لهم خطوط حمر أخرى، يريدون تضمينها المشروع. الأمر في النهاية يصب في خانة المزايدات الطائفية والسياسية، والجميع يشتركون في محاولة منع الأفكار التي يحملها الناس من الدخول، بحجج دينيّة واهية تحمل كل أشكال الاجتهاد والتأويل.
صحيح أن الوحدة الوطنية يجب أن تصان، وأن التحريض المذهبي مرفوض. لكن الأمر يمكن أن يعالج بطريقة مختلفة. مواجهة التحريض

مواجهة التحريض تكون بنشر الوعي وتعزيز ثقافة الانفتاح

تكون بنشر الوعي وتعزيز ثقافة الانفتاح لا بغلق الأبواب، وتالياً تصعيد الاحتقان الطائفي. كذلك، فإن من حقّ الشيخين أن يدخلا ويلقيا ما شاءا من المواعظ شرط ألا تسيء إلى الوحدة الوطنية. ومن حق أي مفكر أن يطرح رؤاه النقدية ما دامت لا تحرض على أحد، ومنع هؤلاء من الدخول يكشف ضعف المنطق والحجة ويزيد حدة التطرف.
إن المؤسف حقاً أن تعاني الكويت اليوم من «فوبيا الأفكار»، بعدما كانت في وقت من الأوقات منارة الخليج الثقافية والرائدة في التجربة الديموقراطية وتعزيز الحريات العامة. ولا أدل على تراجع الكويت من سيطرة المنطق الطائفي على النقاش العام فيها، ومحاولة تسجيل النقاط بين الأطراف المتصارعة بتشجيع ثقافة المنع والحجب في زمن الإنترنت والثورة المعلوماتية.
عندما تزايد القوى المنتخبة من الشعب على السلطة في قمع الحريات بخلفية مذهبية تحريضية، فإن هذا يعني أن البلد في انحدار لا تُعرف نهايته. ولعل هذا الخطر يتهدّد اليوم أمّة العرب أجمعين!