في خطوة هي الأولى من نوعها، قضت محكمة التمييز بإخضاع المواقع الإلكترونيّة لرقابة دائرة المطبوعات والنشر

أحمد الزعتري
خلال الأسبوع الماضي، كتب مدير تحرير موقع «عمّان نت» www.ammannet.net، محمد عرسان مقالاً بعنوان «حكومة خرقاء تخرق القانون!». المقال الذي نُشر على الموقع انتقد الحكومة بسبب استغنائها عن فئة معينة من عمّال المياومة (يعملون مقابل أجر يومي من دون أي ضمانات) في المؤسسات الرسميّة. لكن أول من أمس، ظهر علينا عرسان ذاته في مقال «أنا أحبّ الحكومة» قال فيه: «بعد إخضاع المواقع الإلكترونية لقانون المطبوعات والنشر، أعتذر من حكومة المملكة الأردنية الهاشمية التي وصفتها بالخرقاء... الرئيس وحكومته على رأسي»... فما الذي دفع عرسان إلى كتابة هذه المدوّنة؟
الحقيقة أنّ الجدل حول المواقع الإخباريّة الأردنيّة دخل مرحلةً جديدة، بعدما أصدرت محكمة التمييز، أعلى هيئة قضائية في الأردن، أول من أمس، قراراً يقضي باعتبار المواقع الإلكترونيّة مطبوعةً «من وسائل النشر...». ما يعني إخضاعها لرقابة قانون المطبوعات والنشر التي تصل عقوبة بعض بنوده إلى الحبس والغرامة. وقد أتى القرار حين رفضت محكمتا «البداية» و«الجزاء» تحميل المسؤولية لموقعي «عمّون» الإخباري
www.ammonnews.net
و«رم» www.rumonline.net
إثر رفع أحد الصحافيين قضية ذم وتشهير ضد ناشريهما.
هذا القرار ترك الوسط الصحافي الإلكتروني مذهولاً، نظراً إلى التطمينات التي تلقاها ناشرو المواقع من الحكومة الجديدة «بعدم المسّ بحرية هذا الفضاء» كما يقول لـ«الأخبار» باسل العكور، أحد مؤسّسي موقع «عمّون».
يرفض العكور التعليق على قرار المحكمة لأنه يعرِّضه للمساءلة القانونيّة، لكنه يتساءل عن مدى فاعلية الرقابة على «فضاء حدوده الدنيا». ويذكّر العكور أنّ Facebook هو، مِن هذه الزاوية، أشدّ خطورةً من المواقع الإخبارية والمدوّنات والمنتديات بسبب فعاليته في الدعوة إلى الاعتصامات والتظاهرات، «فكيف سيتمكّنون من مراقبة أكثر من 100 موقع إخباريّ؟»... مشيراً إلى التحديات التقنيّة التي ستواجه قراراً مماثلاً «أستطيع الآن أن أنشئ عشرة مواقع إلكترونيّة غير معروف مالكها».
كذلك، يوافق رئيس تحرير موقع «خبّرني» www.khaberni.com غيث العضايلة على صعوبة إخضاع المواقع للرقابة، وخصوصاً مع توافر مواقع أُنشئت خارج الأردن. بينما يرى محمد عرسان أن «الحكومة قامت بعملية التفاف. وعوضاً عن إصدار تشريع يضبط المواقع، وينعكس سلباً على صورتها في الخارج، كبّلت المواقع بالقوانين السارية».

كيف ستتمكّن الجهة المعنية من مراقبة أكثر من 100 موقع؟

رسمياً، صرّح وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة نبيل الشريف أن «دائرة المطبوعات والنشر ستعتمد على مستشاريها القانونيين لإعداد آلية لهذا الموضوع، إضافة إلى الخطوات القانونية الواجب اتباعها لتوفيق الأوضاع مع هذا الاستحقاق القانوني الجديد الذي سينظم عمل المواقع الإلكترونيّة لما فيه مصلحة الجميع».
لكن يبدو أنّ الأمور تتجه نحو التصعيد. إذ انتقد باسل العكور نقيب الصحافيين ورئيس تحرير جريدة «الرأي» عبد الوهاب زغيلات لأنّه «لا يقوم بدوره التقليديّ في الدفاع عن حرية الصحافيين، وعدم قتاله ضد إخضاع الصحافة الإلكترونيّة للرقابة»، ومتهماً إياه بـ«قيادة حملة تحاول أن تقدم حلولاً كثيرة للخروج بصيغة تقيّد المواقع الإلكترونيّة».
لكن هل فعلاً تحتاج الصحافة الإلكترونية إلى قانون ينظمها؟ يجيب العكور أنه مع قانون ينظم هذه المواقع، لكن «شرط ألا يُفرض علينا بهذا الشكل». أما العضايلة فيخشى «استغلال الحكومة لهذا القانون».