محمد عبد الرحمنفي وقت تصرف شبكة «روتانا» موظفيها وتدمج محطاتها، تعلن شاشات مصرية جديدة عن موعد انطلاقها مطلع العام الجديد. هذا التناقض في ظاهره يعكس انتعاشاً في سوق الفضائيات المصرية، كأنها قادرة على الصمود في وجه الأزمة المالية عكس الفضائيات الخليجية التي هي الأغنى في الأساس.
هذا الواقع يؤكّد حقيقة أخرى، أن إطلاق ثلاث قنوات مصرية جديدة، ما هو إلا تطبيق للمثل المصري «العدد في الليمون»، أي إنّ عدد المحطات أصبح كبيراً. لكن إذا اعتمدنا مقياس النوعية، يتبيّن أنه يمكن جمعها كلها في حقيبة واحدة. وتأمّل نشاط القنوات التي أُعلن عن إطلاقها أخيراً، يؤكد هذه النظرية. المحطة الأولى هي «ميلودي دراما» التي حلّت مكان قناة المسابقات «ميلودي تريكس» التي لم تصمد عامَين على هواء «نايل سات». كذلك ستبصر النور «كايرو دراما» المنبثقة عن «كايرو سينما». فيما القناة الثالثة لن تكون للدراما هذه المرة، بل العكس. إذ أعلنت «بانوراما دراما» بقناتَيها عن إطلاق محطة «بانوراما أفلام». وقد نجح مدير هذه القناة الأخيرة، أحمد مهدي، في الحصول على حق عرض فيلم «الفرح» مساء 31 الحالي متفوقاً بذلك على قناتي «روتانا سينما» و«ميلودي أفلام».
هكذا يمكن استنتاج أن الاستثمار المصري في القنوات الترفيهية بات مقتصراً على محطات الدراما والأفلام، لأن إنتاج البرامج أصبح عبئاً على ميزانية أي تلفزيون. كما أن هذه القنوات تخاطب جمهوراً بات على استعداد لمتابعة العمل نفسه عشرات المرات سنوياً ما دام لا يريد اللجوء إلى فك شيفرة art. الأمر نفسه يتكرر على مستوى المسلسلات. بما أن شهر رمضان يشهد عرض 50 مسلسلاً مصرياً، وبما أنّ طاقة المشاهد لا تحتمل هذا الكمّ، تبقى بالتالي مسلسلات كثيرة يمكن عرضها طيلة السنة وصولاً إلى الموسم الرمضاني المقبل.

«كايرو دراما» و«ميلودي دراما» و«بانوراما أفلام» تبصر النور قريباً
وهذه الكمية من الإنتاج الدرامي السنوي، عكست بالنسبة إلى بعضهم الحاجة إلى عدد أكبر من قنوات المسلسلات التي تقتصر حالياً على ثلاث محطات هي «الحياة مسلسلات»، و«بانوراما دراما» و«نايل دراما».
وما سهّل عملية إطلاق هذه الدفعة الجديدة من المحطات أنّ كلفة المسلسل لا تزيد عن ألف دولار للحلقة الواحدة، وغالباً ما تترافق عملية شراء أي عمل مع تسهيلات مالية عدّة. أما السبب فهو أنّ شركات الإنتاج تريد تسويق أعمالها طيلة أيام السنة لجني الأرباح ولو بعد مرور سنوات على العرض الأول. ما يدفع المنتجين للتعامل بحذر مع القنوات الجديدة، لأنّ هذه المحطات الوافدة قد تزيد نسبة الطلب على المسلسلات والأفلام ولكنها لن تدفع مبالغَ كبيرة ولن تطلب حق العرض الحصري إلا في حال توافر معلنين أقوياء يدعمونها.
مع ذلك، يُجمع كثيرون على أن هذه القنوات تدفع المنتجين المصريين إلى فكّ ارتباطهم واعتمادهم الكُلِّيَين على رأس المال الخليجيي الذي بدأ يفرض طريقة تفكيره على العمل كما أنّ قدرته المالية تراجعت كثيراً بعد الأزمة المالية.