تعقيباً على مقالة الزميلة سناء الخوري «رحلة «الآداب» توقّفت عند وزارة الإعلام» (عدد 17 تشرين الأول/ أكتوبر) عن منع المجلة اللبنانية من دخول سوريا، جاءنا ردّ من الكاتب السوري حسان عباس الذي تناولته المقالة، هنا أبرز مقتطفاته:
(...) لا أستطيع إلّا التعبير عن استيائي من منع عدد «الآداب» الجديد من التداول في سوريا، لأنّني على ثقة بأن هذا الأسلوب في التعامل مع الثقافة والمثقفين يعيق الجهود المبذولة لإظهار الصورة الجديدة لسوريا. صورة البلد المنفتح على تعدديته (...). كما لا أستطيع إلّا التعبير عن استيائي من بعض ما ورد في مقالة «الأخبار» (...). العنوان الثاني الذي وُضع للمقالة يشير إلى أن المنع جرى «على خلفية ملفّ تناول قمع السلطة للإخوان المسلمين في الثمانينيّات». أي إن موضوع الملف نُقل من حيّز الأدب والقراءة الأدبيّة إلى حيز السياسة، مع أنّ الملف، بكامل مقالاته، لا يخرج عن إطار الكتابة الأدبية المباشرة.
لسنا بسطاء لنعتقد أن السياسة بعيدة عن الكتابة (...)، لكن

تحوّلت قضية منع «الآداب» في سوريا إلى قضية سياسية ليس لها أي وجود
الشكل الذي ظهر عليه العنوان يلغي الموضوع الأساسي للملف (ملامح من الأدب السوري الحديث)، ويستبدله بقراءة مبتَسِرة لا ترى إلا ما تريد أن ترى (قمع السلطة). (...) وكتأكيد على القصدية التسييسية للمقالة، تقول الصحافية في سياق تعريفها بي ككاتب للنص: «ويشير هذا المثقف السوري المعارض...».
والواقع أن نعت «المعارض» يمثل إشكالية كثيراً ما حاولتُ أن أبيّنها. ويحمل تعميماً، أرفضه شخصياً. المعارض و«المعارضة» و«المعارضون» مصطلحات تشير ـــــ حسب قناعتي ـــــ إلى الالتزام بفعل سياسي صرف (...). فيما العاملون في الثقافة، وأظن نفسي واحداً منهم، لا يرتضون تأطير أنفسهم ضمن هذا المفهوم الضيق
للسياسة (...).
ضمن هذا الإطار، لا يرضى المثقف بأن يكون «معارضاً». إنه «مقاوم». مقاوم لكل البنى التي تمنع عنه حقوقه، وتعيق تحقيق إنسانيته (...) أما السياسة، الموالية منها أو المعارضة، فليست مني ولست منها، ولذلك أرفض تماماً تعريف
«المعارض».
لقد أخطأ الرقيب في سوريا عندما لم يرَ في الملف حقيقته الأدبية الثقافية... لكن الصحيفة، أو الصحافية، وقعت في الخطأ نفسه عندما حوّلت القضية الثقافية إلى قضية سياسية ليس لها أي وجود، اللهمّ إلا في نوايا بعض الذين يترصّدون الكتّاب والمثقفين، وهم بذلك يقدّمون إلى الرقيب ذريعة ما أغنى المثقفين
عنها.