القاهرة والرياض تضرّرتا كثيراً من هجوم المحطّة الإيرانية على الحكومة اليمنيّة... فجاء القرار بوقف بثّها على «نايل سات» و«عرب سات»
محمد عبد الرحمن
رغم أنه مفاجئ إلا أنّه كان متوقّعاً. اللافت في قرار وقف بثّ قناة «العالم» الإيرانيّة أنّه جاء شاملاً، أي على قمر «نايل سات» وشقيقه الأكبر «عرب سات». إذاً، القرار هنا ليس مصرياً خالصاً كما صوّر بعض وسائل الإعلام فور إعلان القرار أول من أمس. وربما لأنّ «نايل سات» منتشر في أنحاء العالم العربي، أرجع كثيرون وقف بثّ القناة إلى خلافات مصريّة إيرانية. لكن وجود «عرب سات» في القصة يؤكد أن القرار صدر بالتنسيق بين مصر والسعودية. وكلاهما تضرر أخيراً من هجوم القناة على الحكومة اليمنيّة ومساندة الحوثيين في معركتهم لتأسيس دولة مستقلة شمال اليمن. إذاً، الأمر يتعلق بالأمن القومي سواء لدى المملكة العربية السعودية التي تساند بقوة حكومة الرئيس علي عبد الله صالح في هذه المعركة، أو لدى مصر التي تحبّ أن تذكّر اللاعبين الأساسيين في المنطقة كل فترة بأنّها لا تزال قادرة على الحفاظ على دورها الإقليمي وأنها لن تسمح بأن تُمرّر عبرها دعوات انفصالية قد تهدد الأمن القومي المصري لاحقاً إذا استمر الصراع في اليمن على ما هو عليه الآن. بالتالي، أراد المسؤولون المصريون أن يوجهوا رسالة غير مباشرة لمن يريد أن يطلق حملات دعائية تهدد الثوابت المصرية بأنّ عليهم أن يطلقوا هم أقماراً صناعية تنتشر في الوطن العربي كما فعل «نايل سات» وهي الرسالة نفسها تقريباً التي مرّرتها السعودية من وقف بث القناة. زد على

في عز الخلاف المصري الإيراني، لم يحدث أي تهديد لنشاط المحطة في القاهرة
ذلك أنّ مصر والسعودية مررتا رسالة أخرى هي تأكيد استمرار التنسيق المباشر بين البلدين الفاعلين في المنطقة. فيما أكد موقع القناة أنّه تلقى رسالة من إدارة «عرب سات» تؤكّد أن القرار صدر لأن «العالم» تسيء إلى التقاليد وانتقدت بعض المسؤولين العرب، بالإضافة إلى ورود شكاوى من مؤسسات ودوائر رسمية تتهم «العالم» ببث برامج وأخبار تتعارض مع الأخلاقيات الدينية والسياسية. بينما اكتفى «نايل سات» كالعادة بتصريحات شفهية لمدير المكتب في القاهرة أحمد السيوفي تؤكد أن وقف البث جاء بتعليمات من جهة عليا غير مسموح بالكشف عنها.
هنا، يجب لفت الانتباه إلى أن القناة لم تغلق خلال أزمة ما عُرف بـ«خلية حزب الله» رغم الدعاوى القضائية التي حركها أحد المحامين. وفي عز الخلاف المصري الإيراني، لم يحدث أي تهديد لنشاط القناة في مصر. لكن يبدو أن الوضع كان مختلفاً إلى حد كبير في أزمة «الحوثيين». وفيما أكد مدير مكتب القناة في القاهرة أنه قد يخاطب النائب العام المصري في ما حدث بعد التأكد من أن المنع تم لأسباب سياسية لا هندسية كما أشيع في البداية، فإنّ الواقعة ترسِّخ غياباً كاملاً لأي قواعد تحكم عملية إطلاق القنوات في الوطن العربي. لا يزال الأمر تحت سيطرة الحكومات التي تطلق الأقمار الصناعية ولها حق المنح والمنع من دون ضوابط قانونية معلنة. وفيما تراجع الاهتمام بـ«وثيقة تنظيم البث الفضائي العربي»، أصبح مؤكداً أن غياب القانون الحاكم للفضاء العربي سيستمر طويلاً.