الجزائر ــ سعيد خطيبيفي دورتها الثانية والعشرين، كانت جائزة «غونكور للثانويين» من نصيب رواية «نادي المتفائلين الأشاوس» لجان ميشال غيناسيا (الصورة). علماً بأنّ لجنة تحكيم Goncourt des lycéens تتألف من نحو 1500 طالب فرنسي، ممثلين لـ55 مؤسسة تعليمية. تطرح الرواية رؤية فرنسية مخالفة إزاء «أحداث الجزائر» في الخمسينيات، كاشفةً عن تعاطف مع مبادئ الثورة التحريرية ومنوهة بمواقف اليساريين آنذاك على غرار الكاتبين سارتر وجوزيف كاسيل. تركز الرواية الصادرة عن «منشورات ألبان ميشال» الباريسية على شخصية الشاب ميشال (البالغ من العمر 12 ربيعاً في عام 1959) الذي يعيش مشتتاً بين تطورات «أحداث الجزائر»، وموسيقى الروك، وانطباعات الآخرين عن شخصيتي جان بول سارتر وجوزيف كاسيل وحكايات الأصدقاء في «نادي المتفائلين الأشاوس» الذي يقع في ضواحي باريس. هذا النادي كان يرتاده منذ الستينيات الكثير من المنفيين السياسيين الآتين من الدول الشيوعية في أوروبا الشرقية.

«نادي المتفائلين الأشاوس» تجمع بين «أحداث الجزائر» ووقائع أخرى كمعركة ستالينغراد

تعتمد الرواية على تقنية «فلاش باك» في وصف الأحداث. هكذا، تنفتح في فصلها الأول على مشهد جنازة سارتر في ربيع 1980، في مقبرة «مون بارناس». هناك يلتقي البطل مجدداً بأهم الوجوه التي عرفها في الثانوية مطلع الستينيات ويشرع ـــــ تدريجاً ـــــ في فتح دفتر الذاكرة مستحضراً أهم الأحداث والذكريات التي ميّزت سنوات المراهقة. يتحرك منحى استعادة الماضي وفق انتقالات مفاجئة، محاولاً الربط بين الأحداث المأساوية التي عرفتها «أحداث الجزائر» ووقائع تاريخية أخرى من بينها معركة ستالينغراد إبان الحرب العالمية الثانية، والأحداث العنيفة التي شهدتها بودابست في المجر عام 1956 ثم «صدمة» تشييد جدار برلين، صيف 1961 التي يصفها المؤلف بأنها إحدى الوقائع الأكثر إيلاماً في تاريخ أوروبا الحديث.
مثّلت الومضات والإحالات الكثيرة التي استند إليها المؤلف في وصف «أحداث الجزائر» في الخمسينيات محركاً رئيسياً في بناء النص وسبباً في نجاحه. إذ ذكرت لجنة تحكيم «غونكور للثانويين» ـــــ يرأسها طالب ثانوي في السابعة عشرة من عمره ـــــ في بيانها الختامي: «أكثر ما شدنا في هذه الرواية هو قدرتها على طرح مواضيع متنوعة، تطرّقها للشيوعية وتعاطيها المختلف مع حرب الجزائر».