بيار أبي صعبالديكور ينقسم إلى عالم علوي وحضيض. في الخارج صوت القطار ووقع خطوات غامضة، وذلك الخوف الذي يحوم في الجوار... معلناً اقتراب النهاية. تتغيّر الإضاءة، فتنوس تدريجاً حتى الذروة. سولانج لم تذهب في اللعبة إلى نهايتها، كل مرّة تتوقّف قبل قتل كلير/ المدام. الأختان العشيقتان تربط بينهما أيضاً علاقة جنسيّة مثليّة، مبطنة بالكره. رنين الهاتف هو الصلة بالخارج: الخواجة عشيق المدام خرج من السجن، أي إن وشاية كلير له ستنفضح. والمدام لم تشرب «الزهورات» المسمومة التي أعدتها الأختان. ستشربها كلير إذاً، فتقتل صورة «المدام» فيها.
جواد الأسدي تعامل هذه المرّة مع النصّ الأصلي كما هو. كثّفه قليلاً، واستعاض عن حضور «المدام» بعرض ديابوراما، للممثّلة رينيه ديك خلال تجسيدها الشخصيّة قبل 14 عاماً، خالقاً علاقة ديناميّة بين التجربتين. وقد ابتعد المخرج عن أية تأويل «اجتماعي» للنص، خلافاً لتجربته الأولى التي عكست صعود طبقة طفيلية من محدثي النعمة في بداية السنوات «الحريريّة». فهم الأسدي أن ما يهمّ جينيه هو الحالة الرمزيّة للضحيّة. هناك من جهة العالم السفلي الذي ينحدر منه الكاتب الفرنسي نفسه، هو اللقيط، السارق، المثلي (في عيون الآخرين)، والحاقد على معاصريه... ومن الأخرى الطبقة المهيمنة المطمئنة إلى قيمها وامتيازاتها. وبين العالمين هوّة لا يردمها إلا العنف، والفجاجة اللفظيّة والجسديّة، والقتل. القتل المجازي الذي يصبح حقيقة في النهاية. «الخادمتان» احتفال طقوسي بـ«جمال الجريمة»، وببهاء المسرح.