زينب مرعي هذه المرّة كان من المفروض أن يطلّ «معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت» من البحر: ابتكار احتفالي يتماشى مع استعراضيّة «بيروت عاصمة عالميّة للكتاب»! لكن سفينة La Meuse القادمة من مالطا، رست قبل موعدها في ميناء بيروت، وإذا بالدورة الـ16 من المعرض العتيد تُفتتح على حين غرّة من حيث لا ندري. رست السفينة وعلى متنها أول 15 كاتباً هم طلائع الفرنكوفونيّة، في انتظار أن يصل عددهم إلى 150 في الأيّام المقبلة، حسب المنظمّين. جان ـــــ ماري غوستاف لو كليزيو، صاحب «نوبل 2008»، أنطونيو تابوكي، فينوس خوري ـــــ غاتا المعتادة الاحتفاليّة، أدونيس، شارل داتنزيغ، وكثيرون سيتناوبون على إحياء حلقات النقاش هذه السنة. لكن هل تُحتسب أهميّة المعرض بعدد الكتّاب المشاركين وبحركة البيع؟ علماً بأنّ هذه الحركة تشهد تراجعاً تدريجاً. للإجابة عن هذا السؤال، توجّهنا إلى رئيس نقابة مستوردي الكتب في لبنان مارون نعمة، ومدير البعثة الثقافيّة الفرنسيّة في لبنان دوني غايّار، لكنّ الحظ لم يحالفنا كثيراً. الأوّل رفض بلباقة الحدّ الأدنى التحدّث إلى «الأخبار»، لأنّه لا يحبّها، ويريد أن «يقاصصها»، كما فهمنا عبر محاولاتنا المتعددة للتواصل معه... أما مسيو غايّار، فكثرة انشغالاته حرمت قرّاءنا تلك الدقائق الثمينة التي حظيت بها صحف أكثر حظّاً، فضاعت فرصة الاطلاع على تصوّره لمثل هذا المشروع الطموح (في الظاهر على الأقلّ).
شريف مجدلاني، من جهته، يسلّط نظرة متفائلة على المعرض. يرى الكاتب اللبناني باللغة الفرنسيّة، أنّه منذ 2005، لم يعد المعرض مساحةً لبيع الكتب فقط، «فهو يتطوّر ليصبح معرضاً أكثر مهنيّة واستقطاباً للعاملين في مجال الكتاب». إشارات كثيرة مزروعة في البرنامج، وضعت مجدلاني على درب هذا الاستنتاج، أبرزها تخصيص لقاءات متخصّصة بين الناشرين وأصحاب المكتبات الفرنكوفون (22 و24/10)، وإطلاق ميثاق المكتبيّين الفرنكوفونيين (23/10) و«الاتحاد العالمي للناشرين المستقلين» (24/10).
أمّا رئيس الجمعيّة العالميّة للمكتبيين الفرنكوفونيين (AILF) ومدير مكتبة «البرج» ميشال شويري، فيلفت إلى «جناح بلاد الجنوب»، الذي سيكون حاضراً، ويضمّ 2500 عنوان لكتب باللّغة الفرنسية، أُصدرت في دول الجنوب. أهميّة هذا الجناح ـــــ في رأي شويري ـــــ أنّ الكتب المعروضة، اختارها مكتبيون منضمون إلى الجمعية العالميّة للمكتبيين الفرنكوفونيين. المكتبي، في رأيه، يختار الكتب بطريقة نقديّة بعيداً عن مصلحة الدار في عرض جميع إصداراتها. كذلك، يرى شريف مجدلاني أنّ ضيفة الشرف هذه السنة ـــــ منطقة «إيل دو فرانس» ـــــ تؤدّي «دوراً مهماً على صعيد انتقال المعرض إلى مزيد من المهنيّة». يوافقه شويري معتبراً أنّ المحافظة المذكورة، ستعرض في جناحها كتباً لـ 60 دار نشر، 40 منها مجهولة من الجمهور اللّبناني.
في السنتين الأخيرتين، اختار المعرض ضيوف شرف لهم صلة بالعالم العربي أو بلبنان. وفي 2008، حلّت دار «أكت سود» العريقة ضيفةً على بيروت، وهذه السنة يأتي دور «إيل دو فرانس»، التي تُكمل عشر سنوات من التعاون مع بلديّة بيروت. علماً أن مشروع التعاون الثقافي هذا بين ضفّتي المتوسط، يشمل المكتبات العامّة، ويتجسّد تحديداً في دعمه لجمعية «السبيل» التي احتلت مكانة مرموقة بحيويّتها. علماً بأنّ عام 2000، شهد تمويل دراسة لبدء إنشاء 12 مكتبة عامّة في بيروت.
الدورة الحاليّة تتخذ، حسب المؤشرات، طابعاً احتفالياً بجميع «الفرنكوفونيّات». لا يحمل المعرض تيمة معيّنة، ولا يطمح إلى أكثر من أن يكون «سوق عكاظ» الفرنكوفونيين. لكن المعرض الذي تسلّمت نقابة مستوردي الكتب في لبنان دفّة تنظيمه من أيدي البعثة الثقافية الفرنسية، ابتداءً من العام الماضي، كما أعلن رسميّاً على الاقل، هل نجح فعلاً بأن يصبح أكثر استقلالاً عن السياسة الرسميّة لفرنسا ومصالحها الاستراتيجيّة؟ هذا ما يراه دوني غايار، إذ أعلن في المؤتمر قبيل الافتتاح، أنّ فرنسا ستعطي الكلمة الافتتاحيّة هذه السنة إلى سفير بلجيكا في لبنان، يوهان فيركامن.
لكن شريف مجدلاني له رأي آخر: من أسماء الكتّاب المدعوّين، وهم معظمهم من الفرنسيين، نستشفّ أنّ «اللّبنانيين أصبحوا في الواجهة التنظيميّة... لكن البعثة الثقافيّة الفرنسيّة ما زالت المنظّمة الحقيقية». أما مواطنه وزميله في التعبير من خلال لغة موليير، الشاعر أنطوان بولاد، فيضيف إنّ «الفرنكوفونيّة لم تتمثّل يوماً في المعرض، والبعثة الثقافيّة الفرنسيّة لا تمثّل الفرنكوفونيّة. لكن المسؤولية اليوم تقع على عاتق نقابة مستوردي الكتب في لبنان: عليها تفعيل هذا الجزء من عنوان المعرض».
الدورة الماضية لم تكن على مستوى التطلّعات من ناحية المبيعات، ما طرح سؤالاً عن انحسار الفرنكوفونيّة في لبنان. لكن الخلاصة التي لمسناها عند مَن تحدثنا معهم، هي أنّ هناك أزمة ثقافة عامّة في لبنان، لا أزمة فرنكوفونيّة. الأخيرة «لم تتراجع أكثر مما تراجعت الثقافة العربية» يطمئننا مجدلاني. أمّا الإنكليزية، فيقول بولاد إنّها «لغة تواصل لا لغة ثقافيّة”. يوافقه رئيس مجلس إدارة مكتبة «أنطوان» سامي نوفل، الذي يشرح أنّ الناس يبحثون عن الكتب العلميّة باللّغة الإنكليزيّة، أمّا الكتب «الثقافيّة» فتُباع بالفرنسيّة. هكذا نلاحظ إجماعاً على رفض الاعتراف بانحسار الفرنسيّة. المسألة نسبيّة في هذا المجال. يلاحظ بولاد أنّ لبنان ليس بلداً تسيطر فيه لغة على أخرى. هو بطبيعته يحتمل تعدّد اللّغات. بهذا النفس المتفائل إذاً يرتفع الستار على الاحتفال. الامتحان في الأيام القليلة المقبلة.

بدءاً من اليوم حتى الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل ـــــ «مجمّع بيال» (وسط بيروت) ـــــ للاستعلام: 01/420200 ـــــ www.salondulivrebeyrouth.org

كاتب التيه



جان ماري غوستاف لو كليزيو (1940) في بيروت. صاحب «نوبل الآداب 2008» سيكون نجم الصالون الفرنكوفوني. عند السابعة مساء اليوم، يشارك صاحب «صحراء» في لقاءٍ افتتاحي للمعرض، على أن يُكرّم عند السابعة مساء 25 تشرين الأول (أكتوبر) في صالة «جبران». صاحب «النجمة المتشرّدة»، ونبيّ الترحال والمغامرات الشعريّة الأصليّة، وصل مساء أمس على ظهر سفينة «لا موز» إلى مرفأ بيروت.

شاعر العبور




يريد أن يكون بيروتياً قبل كلّ شي، «أي حزيناً»، كما يقول. الأديب الفرنكوفوني يريد أيضاً أن يكون جسر عبور بين الهويات والأوطان. خلاصة سيرة صلاح ستيتية (1929) سنجدها في الأعمال الكاملة الصادرة عن «دار لافون» الفرنسيّة، ويوقّعها في إطار احتفاء تكريمي به، ينطلق عند السابعة مساء 26 الحالي (صالة جبران) وتتخلله قراءات شعريّة بصوت رندا الأسمر وشارل فوكون.


فيلسوف الحواس



اللذة كلّها مع ميشال أونفري (1959) في «بيال». فيلسوف المتعة يتحدث في عاصمة المتع الممنوعة والمحرمات عن تقصّي الحواس والعقل والجسد. المفكّر المادي ـــ المتعوي، والنيتشوي ـــ اليساري يوقّع «اللجوء إلى الغابات» (غاليليه)، عند السادسة مساء 22 الحالي. كذلك سيجمعه لقاء مثير للفضول، في أفضل الحالات، مع الشاعرة جمانة حداد عند الثامنة مساء 24 الحالي (صالة جبران).

صاحب Alabama song



معظم الجمهور الفرنكوفوني اللبناني قرأ Alabama song، السيرة المتخيّلة لزيلدا فيتزجيرالد. حين فاز جيل لوروا (1958) بـ«جائزة غونكور 2007»، عن روايته هذه، كان قد أتمّ 20 عاماً في الكتابة الإبداعيّة، بدأها مع باكورته «حبيبي» عام 1987... عوالمه مسكونة بأسئلة المثليّة الجنسيّة والنظرات المتفاوتة للحقيقة... وسيوقّع كتابه الشهير بعد لقاءٍ في «الأغورا» عند الثامنة مساء 30 الحالي.

عاشق بيسوا



أنطونيو تابوكي (1943) الكاتب الإيطالي الذي أحبّ برشلونة، اكتشف فرناندو بيسوا في الستينيات... فنقل أعمال صاحب «كتاب الأرق» إلى لغته الأم. أعماله مترجمة إلى أكثر من 20 لغة. خاض معترك السياسة في صفوف اليسار، هو الذي يؤمن بالشكّ قيمةً فكريّة مطلقة. عند الخامسة مساء 28 الحالي، سيحاضر «في مديح الأدب» (صالة جبران)، وفي الساعة السابعة، يوقّع كتابه «الزمن يشيخ بسرعة» (غاليمار).

«سلطانة» الجزائريّة



غادرت مليكة مقدّم (1949) الجزائر لتصبح طبيبة، ولم تعد إليها إلا كاتبة. روايتها «رجالي» تدور في عالم ذكوري تتعرّض فيه النساء للإقصاء والتهميش، وقد منعت في بلدها الأم. مثل بطلتها سلطانة في الرواية الممنوعة، كانت صاحبة «الرجال الذين يمشون» (1997)، مثالاً للمرأة المناضلة في مجتمع ذكوري. وستوقّع كتابها «أنا مدينة لنسيانك بكلّ شيء» (دار غراسيه) عند الثامنة مساء 28 الحالي.

أنطوان ــ Hachette ــ نوفل: خطوة جديدة في عالم النشر




دار Hachette الفرنسية، قررت أنّ الوقت حان لدخول الأسواق العربيّة، لكن هذه المرّة من طريق لغة الضاد. وستشهد بيروت، في 24 الحالي، الإعلان عن دار نشر جديدة أسّستها Hachette مع مكتبة «أنطوان» بالمناصفة: إنّها Hachette-Antoine التي يرأسها إميل تيّان المدير التجاري في مكتبة «أنطوان» وتبدأ عملها فعلياً في 2 كانون الثاني (يناير) 2010.
يشرح رئيس مجلس إدارة مكتبة «أنطوان» ومديرها العام سامي نوفل: «علاقتنا بـ Hachette تعود إلى زمن طويل، ربما منذ افتتاح المكتبة عام 1933، لكنّ علاقة النشر بين الطرفين تعود إلى 1995، وكانت تقتصر على نشر مشترك لبعض الكتب المدرسيّة». أمّا اليوم، وقد نضجت العلاقة، فقد آن الأوان، يشرح نوفل، لتتويج هذه العلاقة بشراكة، وخصوصاً بعدما كبرت طموحات الطرفين. الشركة الجديدة ستعمل على صعيد العالم العربي. مكتبة «أنطوان» تريد أن تستند في النشر إلى شركة قويّة مثل Hachette، تساعدها تقنياً وتؤمّن لها حقوق الكتب للترجمة من الدور الملحقة بها حول العالم، بأسعار مخفوضة. أمّا Hachette، بعدما دخلت العالم الأنغلوفوني والإسباني والفرنكوفوني، فإنّها تريد اليوم موطئ قدم في العالم العربي. وقد اختارت «أنطوان» لتستند إلى خبرتها الواسعة في هذا الإطار. يضيف نوفل أنّ منشورات Hachette-Antoine ستقتصر على الكتب المدرسية وإصدارات الأطفال والناشئة التي يفتقر إليها العالم العربي. أمّا الكتب الأدبيّة فيقول إميل تيّان إنّها ستصدر تحت اسم دار «نوفل» التي ضمّتها مكتبة «أنطوان» إليها منذ سنة، وهي اليوم ستصبح ملك الشركة الجديدة، علماً بأنّها ستحافظ على اسمها.


السنافر عادوا إلى أصلهم في بيروت



بدأت القصّة في مثل هذا الخريف، قبل 51 عاماً. حينها، كان الرسام البلجيكي بيار كوليفور (1928 ـــــ 1992)، المعروف بـPeyo، يحاول اختراع شخصيات ثانويّة يضيفها إلى قصة مصوّرة تروي مغامرات بطلين من القرون الوسطى، هما جوان وبيرلوي. هكذا اخترع، عام 1958، أقزاماً بألوان زرقاء عرفوا باسم الـSchtroumpfs، وإذا بهم يتحوّلون نجوماً، ويحوّلونه معهم من رسام صغير، إلى مالك إحدى أكبر مؤسسات الرسوم المتحركة في العالم.
عام 2008، أتمّ السنافر عامهم الخمسين، واحتفلت مقاطعة والوني ـــــ بروكسل البلجيكيّة الفرنكوفونيّة باليوبيل الذهبي للمخلوقات الزرقاء الصغيرة، في معرض تجهيزي مرح، تنقله اليوم إلى «معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت». وكان من ضمن الاحتفالات التكريميّة للسنافر المشاغبين، طبع صورة سنفور على قطعة نقديّة معدنيّة قيمتها 5 يورو، واختيارهم سفراء لـ«اليونيسف».
بعد جولة على عدد من الدول الأوروبيّة، وصل السنافر أخيراً إلى العاصمة اللبنانيّة عبر «معرض الكتاب الفرنكوفوني». ستون لوحة من القطع الكبير، في صالة تمتدّ على 200 متر مربع، ستكون محوراً للمعرض الذي ينظّمه «المهرجان الدولي للشرائط المصوّرة»، بالتعاون مع «نقابة محترفي الفنون التخطيطية والرسوم التعبيرية» في لبنان، و«والوني ـــــ بروكسل الدوليّة»، وسفارة بلجيكا في لبنان. وها هم أصدقاؤنا الصغار الذين نطقوا بلغات عالميّة لا تحصى، يعودون إلى أصلهم الفرنكوفوني في معرض بيروت. ويستعيد المعرض مراحل تكوّن الفكرة، عبر صور ومطبوعات نادرة، عن حياة Peyo. هل يسرق السنافر الأضواء من لو كليزيو، صاحب نوبل 2008، في مجمّع الـ«بيال»؟


محطّات

■ 24\10 (6 مساءً) تمنح «المنظمة الدوليّة للفرنكوفونيّة» جائزة القارات الفرنكوفونيّة الخمس، لكوسي أوفوي، في المسابقة التي تكرّم روايةً فرنكوفونيّة تعبّر عن هويّة ثقافيّة خاصّة.

■ 24\10 (5 مساءً) قراءات شعريّة لفينوس خوري غاتا وأدونيس (صالة جبران)، يليها توقيع كتاب La Revenante عن Ecriture لخوري غاتا، وLa Forêt de l’amour en nous عن دار Mercure de France لأدونيس.

■ 24\10 (السابعة مساءً) يوقّع عباس بيضون كتابه Portes de Beyrouth Et autres Poèmes عن دار «آكت سود»

■ 25\10 (6 مساءً) لقاء مع حنان الشيخ بشأن كتابها Poste restante, Beyrouth عن دار «آكت سود»، يليه توقيع الكتاب.

■ 27\10 (7 مساءً) لقاء بعنوان «بأي لغة تكتبون؟» تنظمه جريدة «لو موند» الفرنسيّة، مع رشا الأمير، كوسي أوفوي، شريف مجدلاني، جورجيا مخلوف وليونيل تروييو.

■ 28\10 (6 مساءً) محاضرة لكريم مروة وإليزابيت لونغونيس، عن كتاب مروّة «نصف قرن من اليوتوبيا، ذكريات قائد في اليسار اللبناني» (téraèdre) ينظّمها «المعهد الفرنسي للشرق الأدنى».

■ 29\10 (7 مساءً) حوار مع غسان تويني في كتابه «دفن الكره والثأر: حياةٌ للبنان» (Albin Michel) الصادر بالفرنسيّة، يليه توقيع الكتاب.

■ 1\11 (7 مساءً) منح «جائزة الفينيق» التي تتنافس عليها لهذا العام روايات لبهجت رزق، كارينا روث، هيام يارد ورواية دافيد هوري وناتالي بونتيم.