العرض راقص، لكنّ الجسد ليس بطلاً هنا. قررت الكوريغرافيا تحويله إلى صدى لعوالم أخرى، وانعكاس لذاكرة وخيال وأوهام. في عرضها «الزمان يحملها»، ستمارس الراقصة لوتوس إدّه ـــــ خوري (26 عاماً) طقساً جميلاً وغرائبياً في آن واحد. ستدخل بيت عائلة والدها المهجور (الجميزة)، وتستحضر شذراتٍ من وقت عتيق تلاشى على الجدران، منذ توقف الزمن بينها قبل عشرين عاماً. «الوقت قد يحمل هذا البيت بعيداً. أعتقد أنّه سيُهدم تماماً كما حصل لكل المباني القديمة في بيروت». تتخيّل لوتوس. الراقصة المقيمة في فرنسا، عملت طفلةً في «سيرك آني فراتيلليني»، ودرست التصوير شابةً، وانتهت في مجال الرقص الاحترافي في فرنسا وأوروبا مع فرق كانت آخرها فرقة الجزائريّة نصيرة بلعزّة، التي شاهدناها في بيروت. رقصت لوتوس أيضاً مع عمر راجح وفرقته «مقامات» في لبنان، وكانت لها مشاركات سينمائيّة متنوعة في فرنسا.
«الزمان يحملها» أداء ثلاثي لراقصة وصوت ومكان
في البيت المهجور، ستستقبل ثلاثين زائراً كل ليلة، لثلاثة أيّام، ابتداءً من 5 أيلول (سبتمبر) الحالي، لتروي لهم لغز المكان، وتخلط الأزمنة والهويات. «لن يكون هناك خطّ مستقيم للعرض ولا حتّى قصّة، بل شذرات متناثرة يتحوّل فيها الحاضر والماضي والمستقبل إلى زمن واحد، إلى ظهور واختفاء. سأؤدّي شخصيات مختلفة، منها من كان هنا قبل أربعين عاماً، ومنها من قد يأتي لاحقاً». العرض سيكون أداءً ثلاثياً للوتوس، ومعها المكان والصوت.
هنا، تركت لوتوس كلّ شيءٍ على حاله، آثار اللوحات المنزوعة عن الحائط، طلاء الجدران المهترئ، الأواني، المكتبة. أمّا الصوت، فيتولاه ستيفان ريفس، مهندس الصوت الفرنسي، مازجاً أصواتاً من حياة المنزل اليوميّة ومحيطه، ليخرج بموسيقى تصويريّة للأداء، وخصوصاً أن الراقصة تستلهم التقنيات السينمائيّة في توظيف المكان والأداء المبسّط.
«لا حالات نفسيّة أو ذاتيّة في العرض. أردت أن أذهب أبعد من المعنى، ألّا أقول كلّ شيء. المشاهد متقطّعة، وفيها الكثير من المضمر». هل سيكون الرقص كنصّ لمارغريت دوراس؟ ربما. على مدى نصف ساعة، ستأخذنا لوتوس في رحلة تعبق بالتجريد، وبالذكريات المكبوتة التي تحشر رأسها في الحاضر. إنّها مساءلة الزمن والأمكنة، تلك المطلقات التي تحدّنا. تتحدّاها الراقصة، فهي لا تراها مفيدة في الأصل.
سناء...


18:00: من 5 إلى 7 أيلول (سبتمبر) ـــــ ٣٠١ شارع باستور (الجميّزة ـــــ بيروت). للاستعلام: ٠٣/٠٩١١٨٩