بعد مرور 22 عاماً على تقديمها للمرة الأولى، حمل أبناء منصور الرحباني الأمانة وأعادوا تقديم المسرحية التي لاقت نجاحاً كبيراً في ذلك الوقت
بيسان طي
7 حزيران (يونيو) 1840، في دير في أنطلياس، يجتمع رجال دين وزعماء طوائف جبل لبنان، ويقسمون على التوحد ضد المحتل الأجنبي... بعد اليمين، تنطلق أحداث «صيف 840»، التي تأتي ضمن «مهرجانات بيبلوس». نحن في حضرة المسرح الرحباني، كما أسس قواعده الأخوان عاصي ومنصور، وإن كانت هذه المسرحية قد حملت توقيع منصور وحده، فهي أول عمل صنعه بعد رحيل الأخ الأكبر. غناء واستعراض في إطار قروي، وحوارات بسيطة، لكنه في الوقت عينه مسرح الإبهار، فيه الكثير من البهرجة والإكسسوارات، والديكورات الضخمة، والأغاني الجميلة والموسيقى الرحبانية المتميزة، والأزياء الأنيقة المترجمة للنص والحقبة التاريخية التي يتناولها.
كل هذه العناصر متوافرة في النسخة الجديدة من «صيف 840»، بعد مرور 22 عاماً على تقديم المسرحية للمرة الأولى، حمل أبناء منصور الرحباني الأمانة، أعادوا تقديم العمل الذي صنعه الوالد ولاقى نجاحاً كبيراً في ذلك الوقت، وقد نجح الأبناء مروان (مخرج العمل) وغدي وأسامة (المشاركان في التلحين والتوزيع) في تحقيق رغبة منصور بإعادة تقديم العمل بصورة تليق به. الموسيقى التي ألفها منصور برزت على نحو أكبر مع استخدام التقنيات الحديثة في عملية التسجيل، والفضاء المفتوح في القلعة أسهم في إبراز الطابع التاريخي للعمل. أما الأزياء المصممة فقد شدت الأنظار (تصميم غابي أبي راشد)، واستعاد من حضر العمل قبل عقدين مشاهد الدبكات كما صممها عبد الحليم كركلا، كما أن الجمهور ردد مع غسان صليبا (بطل المسرحية) أغاني «صيف 840» التي لاقت نجاحاً كبيراً منذ إطلاقها.

أنطوان كرباج تلاعب بالخشبة وغسان صليبا ذو حضور محبب
الرهان على الممثلين القدامى والجدد كان في محله، أنطوان كرباج أحد رموز المسرح اللبناني بدا كأنه يتلاعب بالخشبة. صليبا أيضاً ذو حضور محبب وكذلك هبة طوجي (حلت مكان هدى حداد) والآخرين. ورغم الطابع الشعاراتي لبعض الحوارات والجمل ووجود شخصيات نمطية، كالرجل المستعد للتعامل مع أي كان، إلا أن النص ذو حبكة متماسكة، وتسلسل منطقي وممتع للأحداث.
منصور الرحباني غرف من تاريخ بلدته أنطلياس ليقدم قبل عقدين قراءة سياسية معاصرة للوضع اللبناني، تحت الوصاية السورية وتدخلات الدول الكبرى. لكن إلى أي مدى يصح استخدام حملة إبراهيم باشا من مصر إلى سوريا منطلقاً لنقد التدخل الأجنبي في لبنان؟ طبعت هذه الحملة بأخطاء جسيمة، إن على مستوى فرض الضرائب أو ممارسات بعض الجنود، لكنها أسهمت في تحديث بيروت وإبرازها كمدينة محورية في المشرق العربي (وفق ما يؤكد المؤرخ الراحل سمير قصير في كتابه «تاريخ بيروت»)، كما أن إفشال هذه الحملة كان هدفاً لبريطانيا وحلفائها لضرب بذور أي وحدة عربية... حتى أنّ بعض المؤرخين يقولون إنّ الحملة لو نجحت، لما كان بوسع أي إمبراطورية أن تقيم دولة إسرائيل على أرض فلسطين.


حتى الغد ــ «مهرجانات بيبلوس» ــ للاستعلام: 09/542020 - www.byblosfestival.org