زينب مرعيتذكّرك لفظة Badguèr بـ pas de guerre أو Bad, guerre، لكنها أيضاً كلمة أرمنيّة تعني «الصورة». إذاً لا تحتاج إلى أن تكون أرمنياً لتكسب الكلمة معنى بالنسبة إليك. هي قد لا تبدو بهذه الغرابة على أذن اللبناني الذي يتحدّث لغات عدة، وهي طبعاً ليست بالغريبة على الأرمني ــــ اللبناني. في الحالتين، وكيفما فهمت الكلمة، تبقى ضمن رؤية الفنانة غادة واكد، المغايرة للفن. رؤية تجدها في عنوان معرض الفنون البصريّة الذي نظّمته أخيراً تحت عنوان Badguèr I.فكرة غادة واكد خلف Badguèr I الذي أقيم في مصنع عرمان في الهواء الطلق، في حيّ برج حمود الشعبي البيروتي، والمشاريع التالية الأخرى تتلخّص بـ: لا للحياة المملّة... نعم لجعل الفن قوتنا اليومي. بالنسبة إلى واكد، لا يدرك المنطق اللبناني حتى الآن إلا الأحداث الفنيّة الاستثنائيّة أو الكبيرة، تلك التي ننتظرها سنوياً في المهرجانات مثلاً، أو تلك التي نفرح بطرقها أبوابنا مرّة واحدة. وفي باقي أيام السنة، لا نمارس سوى انتظار تاريخ آخر. من معرض Badguèr الذي ستتبعه معارض متّصلة أخرى، تحدّد واكد هدفها: إدخال الفن إلى حياة الناس اليوميّة، بل تبنّيه ليصبح أمراً طبيعياً ويتحوّل الاستثناء إلى عادة. عادة تدخل الجمال والراحة إلى حياة اللّبناني اليوميّة، الملأى بالمتاعب، وفق واكد. هكذا، من مجال

جيلبير الحاج اشتغل على المجتمع الأرمني
اختصاصها ـــــ أي الصورة ـــــ تنطلق واكد لجعل مدينتنا وحياتنا أفضل. وقد أفادت الأستاذة في «جامعة البلمند» من الدعاية التي ترافقت مع الدورة السادسة للألعاب الفرنكوفونيّة، ومن كونها عضواً في اللّجنة الوطنيّة لهذه الألعاب، لتطلق معرض الصور والأفلام Badguèr I، وتكمل ـــــ بعد انتهاء هذه المناسبة ـــــ عملها على التحام الفنّ بالمدينة. تقول واكد: «على المصوّر أن يصوّر ويجد دائماً الفرصة لعرض أعماله، لا فقط في الغاليري أو المتحف الوطني (إذا وُجد) أو أماكن جديدة لنعرضها فيها، بل علينا أن نستثمر ما لدينا كي يدخل الفنّ فعلاً حيّز المدينة». من هنا كانت الفكرة أن يُقام المعرض في مصنع عرمان. وبينما كان العمّال يتابعون عملهم اليومي في المعمل، عُلِّقت على الجانب الآخر صور المعرض وعُرضت أربعة أفلام ليلاً خلال المعرض: هي «غارو» لغاري غارابيديان، «أكاتون» لباولو بازوليني، «أطلال» لغسان سلهب و«مدينة الله» لفرناندو ميريليس وكاتيا لوند... أعمال حرصت واكد على أن يكون موضوعها العلاقة بين المدينة والناس.
في الصور المعلّقة للفنانين المشاركين، نشاهد جسر برج حمود يمثّل دائماً حاجزاً للرؤية، هناك دوماً ما قبل الجسر وما بعده، تحته وفوقه، وما يجمع هذه الصور هي توقها للخلاص من كتلة الباطون هذه وتلك الأخرى التي أصبحت تمثّل البيوت المتراصة، وقد أدّت إلى اختفاء الحدائق. وأنت تشاهد الصور، لا يسعك إلا أن تلاحظ مفارقة تكمن في أنّ المعرض يُقام أصلاً في مصنع للباطون ولمبات الأسترا. تشدّد واكد على أنّ فصل الفنّ عن الحدث الاستثنائي وجعله متوافراً للناس من مختلف الطبقات والاتجاهات لا يعني جعل الفن شعبوياً أو تبسيطه. وتضيف أنّها أصرّت مثلاً على عرض فيلم «أكاتون»، الذي ليس من الأفلام التجارية في المعرض، لتبعد صفة الشعبويّة عن المعرض، ولتثبت أنّ العروض التي تأخذ مساحتها في أماكن حياة الناس وعملهم ليست مضطرة إلى أن تخفض من مستواها. من برج حمود كانت البداية مع Badguèr I، لأنّ الصور التي كانت في حوزة واكد بدايةً كانت لمنطقة برج حمود. هكذا، قرّرت أن تبدأ بما لديها أيضاً وتطلب من المصوّرين المهتمين تقديم صور عن المنطقة وتقديم أعمالهم ليشكّلوا المعرض. Badguèr الثاني سيكون أرمنياً أيضاً. بعدما رأى المصوّر جيلبير الحاج المعرض، قرّر الانخراط في المشروع أيضاً، وتقول واكد إنّ عمل الحاج عن المجتمع الأرمني سيصدر في كتاب.