واصل جولاته على المناطق اللبنانية، وكان آخرها أمسية أقامها في فقرا مع السيجار والأطباق الفاخرة
بشير صفير
«رح يكون في شوية موسيقى بالسهرة». هكذا استهلّ الفنان زياد الرحباني، مساء أول من أمس، حفلته الموسيقيّة الثانية في كباريه Le CA-barré. قال هذه الكلمات استناداً إلى الأمسية الأولى التي اهتم خلالها معظم الحاضرين بأحاديثهم وسيجارهم وأطباقهم الفاخرة. زياد في Le CA-barré، نعم. هو أتى للاطلاع عن قرب على مجتمع لا يمكن تكوين فكرة عنه من خلال رواية شاهدٍ ولا حتى في الخيال. مجتمعٌ مخمليّ، يعيش على هامش هموم الفقراء ومشاكل البلاد. فوق، على تلة في فقرا في جرود كسروان ـــــ المنطقة التي كانت قبل الحريرية جرداً ـــــ شُيِّد الـ«كباريه»، على شكل فيلا خشبية الهيكل. ومن الداخل، اعتمِد نمط كباريه Moulin Rouge الفرنسي، لجهة الديكور وبرنامج السهرات التي تحييها عارضات مثيرات (stripteaseuses)، كما بيَّنت الصور في البروشور الخاص. على المدخل، إعلان للـ«هامِر»، السيارة الرباعية الدفع التي قطعت ظهر أكبر شركة سيارات في العالم (جنرال موتورز) فباعتها للصين. هنا، لم يتأثر سوق الـ«هامر».

غنّت تانيا صالح ونيكول شويري «ما تفِل» و«اسهار»
أساساً، لم يعد هناك من حاجة إلى الإعلان، ما دامت معظم السيارات التي ملأت الموقف هي من هذا النوع أو أغلى. اخترق الرحباني هذه «الجزيرة»، وعرَّف بفرقته قائلاً: «هيدي الفرقة اسمها «الضمير المهني»... ما بعرف إذا حدا ملاحِظ». بعد دقائق، علا صراخ الجالسين على الطاولة الأقرب إلى المنصة. أصيب أحدهم بعارضٍ صحي مفاجئ، فحوّل الأنظار عن النبيذ والسومو والسيجار والأثواب المتلألئة والمجوهرات... والموسيقى أيضاً. توقف زياد واهتم شخصياً بنداء الاستغاثة، فاقترب صارخاً بالجمع كي يفتح الطريق أمام مَن يمكنه أن يسعف المصاب. أُخرِج الرجل. عادت الأمور تدريجاً إلى طبيعتها. انطلقت الموسيقى. استمرت الحياة (هل تذكرون نهاية مسرحية «بالنسبة لبكرا شو؟»).
بعد «الضمير المهني»، تحولت الفرقة إلى «راي باند». كل الأنغام لم تُحرِّك ساكناً إلى أن أطلّت المغنية الأميركية السمراء كريستل وألهبت الأجواء بأداء مثير لـI Feel Good ومن ثم Summertime... كذلك شاركت الفنانة تانيا صالح مع نيكول شويري في أداء «ما تفِل» و«اسهار» من البرنامج الذي حوى كما نعرف كلاسيكيات غربية (فانك، بوب، صول،...) تولتها المغنيتان ربى زيدان وجويل خوري خصوصاً.
انتهت السهرة، انسحب زياد إلى الكواليس لتبديل ملابسه. عاد فرأى الـ«كوبلات» تتمايل على أنغام البوب العربي، فهمس في أذننا: «غريب! مش مُفترض هالطبقة تكون بتسافر كتير وبتشوف عروض وتجارب فنية في الغرب... إنو، مش مفروض تكون هالطبقة هيّي المثقفِة؟!» ثم غادر مهزوماً، من دون أن يجد تفسيراً لظواهر سريالية «تتخطى خيال فلّيني» كما قال.


فرقة «راي باند» ـــ 22:00 غداً الأحد ـــ «سناتش» (الجميزة ــ بيروت)