strong>محمد عبد الرحمنهذه المرة، لم يبدأ مقصّ رقيب التلفزيون المصري مع أوّل أيام رمضان كما يحدث كل عام، ولم يقتصر على البرامج الحوارية فحسب، بل تعداها إلى المسلسلات وبما يؤكد الانفصام الذي يعانيه المسؤولون عن التلفزيون الحكومي في مصر. إذ استُبعد مسلسلا «ما تخافوش» و«البوابة الثانية» من العرض على التلفزيون الأرضي (القناة الأولى والثانية) بينما عُرضا على قناة «نايل دراما». صحيح أنّ الاستبعاد لم يؤثر في نسبة مشاهدة العملين لأنّ «نايل دراما» والقنوات الأخرى التي تبث العملين وفّرت لهما انتشاراً كبيراً. لكن هذا التعامل لدى المسؤولين عن القنوات الأرضية، يعكس دوماً خلفيات سياسية. حتى الآن، يُنظر إلى هاتين القناتين (القناة الأولى والثانية) والفضائية المصرية على أنّها تعبّر عن سياسة الدولة. وقد جاء التقرير الرقابي الذي أوصى بتخفيف حدة الخطاب السياسي في «ما تخافوش» لنور الشريف ليؤكد أنّ قرار الاستبعاد لم يكن عشوائياً. العمل الذي أخرجه يوسف شرف الدين يضرب على صفيح ساخن منذ الحلقة الأولى. هكذا، سنرى الصحافي والإعلامي مكرم بدوي (نور الشريف) مصمّماً على استضافة أحد قيادات المقاومة الفلسطينية فيدخل في صراع مع شركائه في محطة «الشعلة» بعدما سحبت شركات الإعلانات تمويلها للقناة. غير أن طلب الرقابة بتخفيف حدة الحوار الذي ينتقد السياسات الإسرائيلية طوال الوقت، يعني تعرّض الحلقات المقبلة لمونتاج لأنّ المَشاهد صُوّرت بالكامل ورقابة التلفزيون لا تقرأ سيناريوهات المسلسلات التي لا يسيطر عليها رأس المال الحكومي. كما أن المسلسل يُعرض من دون حذف على القنوات الخاصة، ليظل التلفزيون المصري صاحب قانون رقابي خاص به مرتبط بمعطيات سياسية في المقام الأول. وهو ما تكرر مع البرامج الحوارية، وخصوصاً «فيش وتشبيه» للإعلامية لميس الحديدي. إذ تعرّضت الحلقتان الأولى مع المحامي فريد الديب والثانية مع رجل الأعمال أشرف السعد لحذف عرف الجمهور أسراره حين شاهد عرض الحلقتين بالكامل على قناة «القاهرة والناس». هكذا، حُذفت عبارة فريد الديب «أنا ما دافعتش عن إسرائيل، أنا لعنت أبوخاشها في المذكرة» التي رد بها على سؤال عن موقفه من الدفاع عن الجاسوس عزام عزام. كما حذفت الرقابة عبارة أشرف السعد «وحشتني مصر ووحشني حتى الذباب اللي فيها» قبل أن تتسرب إلى الصحف. وكانت تعليمات قد وصلت إلى منتجي البرامج المباشرة على الهواء، تقضي بعدم السماح للضيف بسبّ إسرائيل والاكتفاء بانتقادها فقط، والامتناع عن تناول السياسي المعارض أيمن نور و«جماعة الإخوان المسلمين».


في قبضة أنس الفقي