الفنّان الفرنسي سيعلن اعتزاله في «مهرجان قرطاج»! هذا أبرز ما تضمّنته مقابلة نشرتها صحيفة تونسيّة ثم تبيّن لاحقاً أنّها... من نسج الخيال
تونس ــ سفيان شورابي
هل كانت قضية افتعال حوار صحافي لتأخذ حجماً كبيراً لو لم تكن مرتبطة بشخص معروف اسمه شارل أزنافور؟ وهل يكفي أن يعلن المغني الفرنسي أنه بريء من حوار نشرته إحدى الصحف التونسية ليعلن رئيس قسم الشؤون الثقافية فيها استقالته؟ تلك عيّنة صغيرة من علامات استفهام كثيرة ارتسمت حول حفلة شارل أزنافور المقرّرة في 21 تموز (يوليو) الحالي ضمن «مهرجان قرطاج الدولي» والمقابلة المزعومة التي نُشرت في إحدى الصحف التونسية. ولعلّ هذه الحادثة تدفعنا إلى الرجوع إلى جملة من الأسئلة والقواعد التي هي أشبه بالبديهيات، بينها المهنية التي يبدو أنّها ما زالت غائبة.
لكن قبل المقابلة والضجّة التي رافقتها، بدا الاستياء واضحاً لدى التونسيين من الفنان الفرنسي ومن الحفلة أيضاً. أما السبب فهو بالدرجة الأولى ارتفاع أسعار البطاقات التي راوحت بين 50 ومئة دولار (يبلغ سعر البطاقة لباقي المهرجانات 8 دولارات)، إضافة إلى نفاد البطاقات بعد 48 ساعة من طرحها في الأسواق. كما أنّ المبلغ الذي طلبه أزنافور للحضور إلى المهرجان بدا خيالياً. إذ تردّد أنه تجاوز 600 ألف دولار، فيما تحدّث بعضهم عن 490 ألف دولار. لكن في كلتا الحالتين، يتجاوز المبلغ بمراحل ميزانية مهرجانات صيفية عدة. ولم تنته الأخبار التي جرى تناقلها عن الحفلة عند هذا الحدّ، إذ راج بين محبّي أزنافور الكثر في تونس، أنه فرض على الجمهور البقاء جالساً أثناء العرض...
هذا كان في البداية، غير أنّ الجمهور نسي تململه الكبير، وانشغل بقضية أخرى: إنها المقابلة المزعومة مع جريدة «الصباح» التي نفاها أزنافور رسمياً من خلال عدد من وكالات الأنباء، مؤكداً أنه «لم ير الصحافي ولم يتحدّث إليه بتاتاً». وكانت صحيفة «الصباح» اليومية قد نشرت في 4 تموز (يوليو) ما قالت إنه «حوار حصري» أجراه رئيس القسم الثقافي فيها محسن بن أحمد. وجاء في المقابلة أن أزنافور اختار «مهرجان قرطاج» ليعلن من على منصّته... اعتزاله الفنّ! وكتب بن أحمد في مقدّمة الحوار: «وصلني صوت شارل أزنافور عبر الهاتف حميماً هادئاً، ينضح ثقة بالنفس». وأضاف: «شارل أزنافور أجاب عن أسئلتنا والمرح يغمره، أكاد ألمسه من خلال تعابيره وكلماته المفعمة بالحب لتونس والشوق الكبير للقاء جمهور قرطاج». وقال أزنافور لإحدى وكالات الأنباء بعد نشر المقابلة: «هذا أمر غير نزيه إطلاقاً، إنني غاضب جداً لأنه لا يحق لأحد أن يتكلم باسم شخص لم يلتقه أحد». الصحافي جمال العرفاوي قال لـ«الأخبار» إن الصحافي محسن بن أحمد ارتكب خطأً جسيماً وأرجع ذلك إلى سقوطه في فخّ أحد متعهّدي الحفلات الذي «عُرف عنه غياب الشفافية في تعاملاته». وكان متعهد الحفلات التونسي مراد سعيد قد أسهم كثيراً في حضور أزنافور إلى تونس إثر اتصالات انطلقت منذ سنة ونصف. وتساءل العرفاوي في هذا الصدد عن دور مراد سعيد في التضليل الذي وقع فيه الصحافي محسن بن أحمد. وقال: «ما علاقة مراد سعيد بحفلة أزنافور، وخصوصاً أنّ لوزارة الثقافة التونسية أجهزة ومؤسسات قادرة على القيام بكل الإجراءات، والجميع يعلم أن نفقات مجيء أزنافور هي من خزينة الدولة؟».
ولدرء الفضيحة، لم تجد صحيفة «الصباح» حلاً سوى الضغط على الصحافي الذي فضّل في نهاية المطاف تقديم استقالته. يذكر أنهّ لم يمض أسبوعان على تعيين بن أحمد رئيساً للقسم الثقافي.

www.festival-carthage.com.tn