بيار أبي صعببناءً على اقتراح لوسيان غولدمان، واعتماداً على «بنيويّته التوليديّة»، اختار الحبّ مدخلاً مميزاً إلى المجتمع العربي من خلال الأدب. ومع «عودة» مؤلّفه المرجعي إلى المكتبة العربيّة، ها هو عالم الاجتماع التونسي مجدّداً في دائرة الضوء. «سوسيولوجيا الغزل العربي ـــــ الشعر العذري نموذجاً» الصادر أخيراً عن «المنظمة العربية للترجمة»، التي يشرف عليها الكاتب نفسه من بيروت، دراسة مضمّخة باجتهادات مرحلة خصبة في التاريخ الفكري الفرنسي، مشبعة بمراجعها وأدواتها النقديّة، أنجزها عام ١٩٧٤ بالفرنسيّة في باريس، واستقبلتها الأوساط الثقافيّة والأكاديميّة بحفاوة، بدءاً بالمستعرب أندريه ميكال الذي اشتغل مليّاً على «مجنون ليلى». كذلك توقّف عندها رولان بارت المشغول بـ«الخطاب العاشق».
يعيد الطاهر لبيب النظر في المسلّمات التي نسبت إلى العذريين العفّة والورع، معتبراً أن نشوء الحواضر الإسلاميّة أفرز أنماطاً جديدة في التعبير عن الحبّ، وهمّش فئات مختلفة. وهناك مجموعة عبّرت عن هامشيّتها عبر مفهوم يحيل إلى رؤية جماعيّة للعالم هو «المرأة التي لا تدرك». بعد ثلاث محاولات لتعريب هذا الكتاب قام بها آخرون، بين عامي ١٩٨١ و ١٩٩٤، قرّر المؤلف أن يتصدّى شخصيّاً لتلك المهمّة الشاقة، واضعاً نفسه في مواجهة مع الذات، مفضّلاً التعامل مع النصّ على أساس تاريخيّته، بدلاً من إعادة صياغته في ضوء الراهن. كل ذلك يشرحه في مقدّمة تطرح أسئلة الترجمة ومأزقها وإشكالياتها. والكتاب يُقرأ بشغف، رغم ما يشير إليه المؤلف/ المترجم من تراكمات أضيفت إلى الموضوع طوال ٣٥ عاماً، وتطوّر في الأدوات والمناهج النقديّة منذ أواسط السبعينيات.