احتفلت الفضائية اللبنانية أخيراً بالذكرى الثامنة لإعادة إطلاقها، وسط مشاكل مع السياسيين والقضاء. وتراهن على نمط مختلف من النشرات الإخبارية والبرامج
ليال حداد
في عام 2003، أوقِفَ رئيس مجلس إدارتها تحسين خياط بتهمة «التعامل مع العدو والإساءة لعلاقات لبنان مع دول أخرى»، وفي العام نفسه، رُحِّلت الإعلامية داليا أحمد من لبنان. وفي 2006، أصيب طاقمها بينهم المراسل باسل العريضي خلال القصف الإسرائيلي على الجنوب. وفي 2007، أوقف فراس حاطوم وعبد خياط ومحمد بربر بعد الدخول إلى شقة «الشاهد الملك» محمد زهير الصدّيق. وفي 2008 حجز الوزير السابق شارل رزق على ممتلكات المحطة.
يكاد لا يمرّ عام واحد من دون أن تواجه قناة «الجديد» مشاكل أمنية أو سياسية أو قضائية. أما السبب فيختلف بين رأي وآخر. بعضهم يقول إنّ المحطة تبحث لنفسها عن موقع بين المحطات اللبنانية والعربية، فتلجأ إلى الأسلوب الهجومي وأحياناً... الفضائحي. فيما الرأي الآخر يؤكّد أن «الجديد» استطاعت إثبات قوّتها محلياً وعربياً، وما الهجوم المتكرّر عليها سوى دليل على أنّ هذه المحطّة خلقت مساحةً بديلة في المشهد الإعلامي اللبناني.
وبين هذا الرأي وذاك، يبقى الأكيد أنّ الحديث عن خارطة الإعلام اللبناني لا يمكن أن يمرّ من دون التوقّف عند تجربة هذه المحطة التي احتفلت أخيراً بالذكرى الثامنة لإعادة إطلاق بثّها.

نمط مبتكر من النشرات تعتمد على الرسوم الثلاثية الأبعاد
البداية طبعاً من نشرة الأخبار والبرامج السياسية التي مثّلت العلامة الفارقة في مسيرة القناة. «هناك جرعة زائدة من الجرأة غير موجودة في باقي المحطات» تقول مديرة الأخبار مريم البسّام، مشيرة إلى أنّ كل التلفزيونات المحلية تابعة لجهة سياسية وحصلت على تراخيصها على هذا الأساس باستثناء «الجديد».
مع ذلك، يبقى للمحطة موقفها السياسي الواضح الذي تعبّر عنه يومياً، بطريقة مباشرة، في مقدّمة نشرتها الإخبارية. لا تنكر البسّام ذلك «لكن يبقى الأساس التمرّد الإعلامي على الفساد والسلطة التي لا تحاسب والملفات الخطيرة التي لا تزال خارج إطار التداول». وينسحب هذا الواقع على الأخبار الإقليمية والدولية. إذ تعلن مديرة الأخبار صراحةً «نحن مع حركات المقاومة والممانعة في كلّ أنحاء العالم من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب».
ويبدو أنّ المحطة تدرك جيداً ارتفاع نسبة مشاهدي نشرتها الإخبارية، لذا ابتكرت زوايا جديدة، منها فقرة «خاص الجديد» التي تحوي نوعاً جديداً من التحقيقات يعتمد على الرسوم الغرافيكية والموسيقية وغيرها من المؤثرات التي نادراً ما تستعمل في التحقيقات التلفزيونية. كما تعمل حالياً على تقديم نمط مبتكر من النشرات تعتمد على الرسوم الثلاثية الأبعاد وستدخل قريباً نشراتها «كما أن هناك فكرة أن تكون هناك خاتمة للنشرة، قد تكون مشابهة للمقدّمة وقد تكون مختلفة، الفكرة لم تتبلور بعد» تشرح البسام.
لكن من الظلم اختزال تجربة «الجديد» بنشرتها الإخبارية أو برامجها السياسية. إذ دخلت المحطة في لعبة الإنتاج المحلّي من الدراما كمسلسل «لأنه الحب» أو «امرأة من ضياع»... إضافة إلى البرامج الفنية والكوميدية وبرامج الألعاب وأبرزها «إربت تنحل» و«روق عصبري» و«أصحاب نجوم» مع غريس الريّس و«للنشر» مع طوني خليفة، وإن كان هذا الأخير قد أثار موجة من الاحتجاجات التي رأت فيه ميلاً نحو الفضائحية السهلة.
تدرك إدارة المحطة أنّ استمرارها يرتبط بقدرتها على جذب المشاهد نحو برمجتها المحلية، والبرامج غير السياسية. ولعلّ الخطوة الأبرز في هذا الاتجاه هي شبكة البرامج الخاصة بشهر رمضان المقبل.
المدير العام للمحطة، ديمتري خضر، القادم من عالم الثقافة إلى التلفزيون، يرى أن مسيرة «الجديد» تصاعدية، «رغم الأزمة المالية التي أثّرت على وسائل الإعلام في كلّ أنحاء العالم، فقد كان عامنا جيداً وشهد نمواً». تسير القناة إذاً، عكس التيار، وهو ما تشير إليه الإحصاءات وفق خضر. إذ تظهر كل الأرقام أنّ المحطة استطاعت في فترة زمنية قصيرة أن تحتلّ المرتبة الثانية بين المحطات اللبنانية. ويستعين خضر بما قدّمته إحدى الشركات عن نسب المشاهدة حيث تبيّن أن برنامج «للنشر» على «الجديد» حاز نسبة مشاهدة أعلى من «شرفتوني» على LBC رغم الفرق في الميزانية بين البرنامجَين.
ولا يخفى على أحد أنّ ميزانية المحطة ليست كبيرة، وخصوصاً أنّ حصاراً إعلامياً يمارس عليها من حوت الإعلانات اللبناني أنطوان الشويري. غير أنّ الوضع يتّجه نحو التغيير، «عندما رأى الجميع نسبة مشاهدتنا، أصبحوا مرغمين على عرض إعلاناتهم عندنا». قد يقال الكثير عن تلفزيون «الجديد». قد يسانده بعضهم وقد ينتقده بعضهم الآخر. لكن لا شكّ في أن المحطة التي راهنت على إعلامييها الشباب منذ إعادة انطلاقها، استطاعت أن تخلق دينامية إعلامية جديدة كانت غائبة عن أغلب المحطات اللبنانية.


خلطة برامج

يبدو أنّ برمجة «الجديد» لشهر رمضان حافلة حتى اللحظة. إذ حسمت المحطة خيارها بالنسبة إلى عدد من البرامج والمسلسلات، أبرزها «الدوامة» و«بيت جدي» و«الباطنية» و«كريمة كريمة» و«طريق النحل»، إلى جانب برامج الألعاب.كما تحضّر المحطة لمجموعة من المسلسلات اللبنانية التي يرجّح أن تعرض بعد رمضان، ومنها تعاون مع مروان نجار وشكري أنيس فاخوري (الصورة) وطارق سويد. كما تعود «الجديد» إلى بثّ وثائقيات شبيهة بتلك التي أعدّها فراس حاطوم وكان أبرزها «الواو الكافرة». كما يعود الممثّل فادي رعيدي ببرنامج كوميدي خاص به مطلع العام المقبل