زياد عبد اللهفي كتابها «جهاد أحمر الشفاه» (2005) تروي آزاديه موافني نشأتها بوصفها إيرانية في كاليفورنيا، ثمّ حياتها بوصفها أميركية في إيران، حيث عملت مراسلةً لمجلة «تايم» الأميركية في الشرق الأوسط. وها هي في «شهر عسل في طهران» (راندوم هاوس ـــــ نيويورك) تشرّح المجتمع الإيراني، تحت حكم محمود أحمدي نجاد منذ انتخابه رئيساً للجمهوريّة الإسلاميّة سنة 2005. يومها، كانت الصحافية الأميركية الإيرانية آزاديه موافني قد وصلت إلى طهران من بيروت حيث استقرت منذ 2003 لتغطية أحداث الشرق الأوسط.
لا يمضي Honeymoon in Tehran مباشرة إلى عنوانه، ولا حتّى إلى عنوانه الفرعي «سنتان من الحب والخطر في إيران»، بل يبدأ من الخطر وينسى الحب والعسل، لتحتلّ مضامينه السياسية سلّم الأولوية. صرخة الكتاب موجهة إلى الغرب: «الإيرانيون ديموقراطيون أيضاً»، وحكم الملالي حكم طارئ وأنماط العيش التي يحاول فرضها ليست أصيلة، بل مرفوضة من طبقة ارستقراطية هجرت إيران بعد الثورة.

مرافعة (أميركيّة) باسم الحريّة... أم حقّ يراد به باطل؟
«مستر إكس»، الاسم الكفكاوي المستعار لمسؤول في وزارة الإعلام، يتابع ما تكتبه موافني المجبرة على التنسيق معه. وحين يسألها مرةً عن كيفية وصفها إيران في الغرب، تجيب: «جزيرة فارسية تسعى إلى التجريب وسط بحر من الديكتاتوريات العربية المتوحشة». يقابل «مستر إكس» كلامها بالرضى، طالباً أن تشرح للغرب عن ديموقراطية الجمهورية الإسلامية.
تتحرك موافني كأنها تقدم توثيقاً للحياة الإيرانية مترافقاً مع تقاريرها لمجلة «التايم». منذ وصولها إلى المطار، تلاحظ الفرق بين ما رأته حينها، وما طالعها في زيارة سابقة في التسعينيات. كان خاتمي ما زال رئيساً، وأشهر قليلة تفصل البلد عن الانتخابات التي كانت تُرجّح كفّة رفسنجاني على خاتمي، مع تأكيد أنّ نجاد لم يكن وارداً أنه منافس بعد.
تمضي تقارير آزاديه نحو مقاربة الأرستقراطية الإيرانية. ولن تغيب شيرين عبادي عن الكتاب، وخصوصاً أن الصحافية شاركت صاحبة «نوبل» للسلام تحرير كتاب «يقظة إيران». يصف الكتاب عبادي بالجدية المفرطة، ترفض الإدلاء بصوتها في الانتخابات، فلو فعلت، لكانت قد أعطت مزيداً من الشرعية للنظام الإسلامي. وعلى لسان عبادي، تسرد آزاديه الواقع السياسي في إيران.
وقبل أن تمضي آزاديه في قصة غرامها مع أرشاد، يكون نجاد قد تولى الرئاسة للمرة الأولى، ما يدفعها للعودة من بيروت إلى إيران مجدداً، حيث سيطغى الحبّ على الحبكة. هكذا، تقع في غرام أرشاد ويحاولان عيش علاقتهما بحرية، لكنّهما يكتشفان عجزهما عن ذلك، وخصوصاً مع حمل آزاديه. عنوان الكتاب سيمسي واضحاً: ستعيش آزاديه شهر العسل، لكن في إيران، وفي ظلّ حكم نجاد. ويأتي سردها توثيقاً للتغيرات وانعكاسها على حياتها اليومية. تذهب الكاتبة إلى قلعة «ألموت» (على الشاطئ الجنوبي لبحر قزوين)، حيث تستعيد جماعة «الحشاشين». وتخلص إلى أنَّهم يمثّلون جذور العنف السياسي في الشرق الأوسط...
آزاديه موافني تدّعي التعبير عن بعض أفكار الطبقة الوسطى الإيرانية، ومَن يضيقون ذرعاً بإيران الثورة وحكم نجاد. الكاتبة نفسها تهرب مع زوجها إلى بريطانيا، بعد اعتقالها بسبب غطاء رأسها الشفاف، وارتدائها سترة بكمّ قصير. يحار المرء في تصنيف الكتاب: هل هو مرافعة من أجل الحريّة في ايران؟ أو أحد تلك المشاريع التي تختبئ خلف ادعاءات تقدّمية، لتعيد إنتاج بروباغاندا سياسيّة، في خدمة الهيمنة الغربيّة، ضد النظام الإيراني؟