دمشق هي الأحقّ بلقب «هوليوود الشرق» والمخرجون السوريون الذين صاروا «نجوماً» في القاهرة، هم مجرّد هواة في سوريا. تصريحات أسعد عيد لجريدة «المصري اليوم» جاءت لتفتتح جولةً جديدة من المعركة التي لم تنتهِ فصولها بعد
محمد عبد الرحمن
بعد هدنة طويلة أعقبت العاصفة التي أثارها قرار نقيب الممثلين المصريين أشرف زكي بتحديد عمل الفنانين العرب في القاهرة، جاءت تصريحات نقيب الفنانين السوريين أسعد عيد لتعيد العلاقات بين المصريين والسوريين خطوات إلى الوراء رغم محاولات أشرف زكي وممدوح الليثي إنهاء الأزمة سريعاً حفاظاً على حالة الهدوء التي تربط نقباء الفنّ في الدولتين. وقد أسفرت حالة الهدوء هذه عن فوز زكي أخيراً بمنصب رئيس اتحاد الفنانين العرب خلفاً للراحل السيد راضي وحلول ممدوح الليثي رئيساً لاتحاد النقابات الفنّية. لكنّ الأزمة لا تزال مشتعلة لأسباب عدة، أوّلها أنّ التصريحات العنيفة ضد الفنّ المصري صدرت للمرة الأولى عن مسؤول نقابي في سوريا، أي إنّها تعتبر رسمية عكس التصريحات السابقة التي أطلقها عباس النوري وسامر المصري ونجدت أنزور وغيرهم ضد هوليوود الشرق، والتصريحات المضادة التي أطلقها حسين فهمي وأحمد ماهر رداً على النجومية التي حقّقها جمال سليمان. طوال تلك الفترة، كانت النقابات تتدخل للتهدئة. حتى إنّ قرار أشرف زكي الذي حاول تحجيم انتشار الفنانين العرب في مصر، وفي مقدمهم السوريون، لم يحظَ باعتراضات عنيفة من النقابة السورية. يومها، تزايد الهمس عن أنّ «الفنانين الموظّفين الذين يعوّضون غياب النجومية بتولي مناصب نقابية سواء في القاهرة أو دمشق، ليسوا متحمّسين لمساعدة النجوم في كلا البلدين على المزيد من الانتشار». لكنّ الهمس ظل مكبوتاً وتعامل النجوم مع القرار كل حسب ظروفه الخاصة، وأدّى اهتمام النجوم السوريين بالسينما المصرية وتراجع الاهتمام بالكم على حساب الكيف إلى هدوء على الساحة الفنية المصرية السورية... إلى أن تحدث أسعد عيد في حوار مصوّر ومسجّل لجريدة «المصري اليوم» الواسعة الانتشار، مؤكداً أن مصر لم تعد هوليوود الشرق، وأن اللقب يجب أن يذهب إلى دمشق. بل إنّ عيد لم يوفّر المخرجين السوريين الذين يعملون في مصر مؤكداً أنّهم «تحت التمرين» في سوريا. وبعد يومين من نشر هذه التصريحات، أرسل عيد تكذيباً إلى الجريدة، قائلاً إنّ مَن أجرى الحوار معه هو صحافية تدعى مروة، لا حمدي دبش، وأنّ كلامه تعرّض للتحريف. ويبدو أنّ حالة الارتباك التي أحدثتها تصريحاته، أدت إلى خلط الأمور لدى عيد الذي جاء بالمناسبة خلفاً لصباح عبيد صاحب قرار منع اللبنانيات من الغناء في دمشق. هكذا، لم يتذكّر عيد على ما يبدو أنّه قابل محرر «المصري اليوم» وأنّ الحوار كان مسجّلاً، وأنّ الصحافية التي يقصدها تعمل في جريدة أخرى هي «روز اليوسف» واسمها مروة البحراوي. وكانت قد اتصلت به للتأكد من دقة تصريحاته، فقرر أن يكذِّب الجميع مسبقاً حتى قبل أن تنشر «روز اليوسف» تصريحاته التي تبرّأ فيها من الهجوم على مصر.
وكان أسعد عيد قد وصف محمد زهير رجب صاحب مسلسل «أنا قلبي دليلي»، بأنّه ما زال مخرجاً جديداً في سوريا، مضيفاً «أحبّ أن أؤكد أن المخرجين السوريين الذين يعملون في مصر وانبهر بهم النقاد والجمهور ما هم إلا مخرجون تحت التمرين عندنا، وما زالوا يتدربون على أيدي أساتذة في الإخراج داخل نقابة الفنانين فى سوريا. أما سبب نجاحهم فيرجع إلى أنّ معظم المخرجين في مصر يعتمدون على التصوير داخل الاستديوهات لأنّها مريحة ومكيفة. أما المخرج السوري فيسعى دائماً إلى الخروج بالكاميرا إلى الأماكن الطبيعية». وعاد عيد في كلامه مع «روز اليوسف» لتأكيد احترامه للمخرجين حاتم علي وباسل الخطيب وأنه لم يقصدهما بتصريحاته. وعندما طلبت منه الجريدة توضيح من يَقصد إذاً، طلب قائمة بأسماء المخرجين السوريين في مصر، مؤكداً أنّ محمد عزيزية أردني، وشوقي الماجري تونسي حتى لو جاءا إلى القاهرة من دمشق. واكتفى بالقول إنّ رجب وحده ما زال منتسباً إلى النقابة ولم يتحول إلى عضو عامل. إلا أنّ إسماعيل كتكت ـــــ منتج «أنا قلبي دليلي» ـــــ ما لبث أن ردّ على أسعد عيد مؤكداً أنّ معظم الفنانين السوريين في حالة مقاطعة مع نقابتهم بسبب قراراتها التي ترفض الاعتراف بالموهوبين، وبالتالي فمن تأتيه فرصة العمل في مصر، يجد نفسه مضطراً لطلب عضوية النقابة في سوريا حتى يحصل على تصريح للعمل في القاهرة حسب قواعد النقابات المصرية. وهو ما يفسّر سبب بقاء محمد زهير رجب عضواً منتسباً أو تحت التمرين كما وصفه أسعد عيد. لكنّ كتكت عاد للتأكيد أنّه حتى هذا الشرط لم تطلبه النقابات المصرية بعدما بات الأهم دفع المصروفات اللازمة التي وصلت إلى 30 ألف دولار تقريباً دُفعت كي يُخرج رجب مسلسل «أنا قلبي دليلي». أمّا أشرف زكي فقد خرج ليؤكد ـــــ بصفته رئيساً لاتحاد الفنانين العرب ـــــ أنّ أسعد عيد يقدّر فناني مصر كثيراً وأنّ تحريفاً طال كلامه، رافضاً الربط بين موقفه المدافع عن النقيب السوري وفوزه السهل بالمنصب الرفيع.