تونس ــ سفيان الشورابيلمناسبة الاحتفال بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2009، أصدرت أخيراً «مدينة العلوم» في تونس قصّة مصوّرة بعنوان «الرحلة العجيبة إلى القيروان». يستعيد الكتاب المسيرة التاريخية والفكرية التي شهدتها القيروان، بأسلوب بسيط يتمثّل في استعمال صور ملوّنة، وخطابات مباشرة لأبطال القصة المستوحاة شكلاً من «علاء الدين والفانوس السحري». إلّا أنّ علاء الدين يصطحبنا هنا، مع مارد المصباح، في رحلة إلى ماضي القيروان، ليطلعنا على تاريخها الحافل بالازدهار الفكري والعلمي، ويعرّفنا على أبرز علمائها ومعالمها العمرانية.
في الفصل الأول «البساط السحري»، تبدأ رحلة علاء الدين والمارد إلى القيروان قبل أكثر من ألف عام، حين مثّلت المدينة على مدى أربعة قرون عاصمة الإسلام الأولى لأفريقيا والأندلس. ويعرض الفصل مكانة القيروان في تاريخ العرب والمسلمين منذ تأسيسها على يد عقبة بن نافع سنة 670م، وما مثّلته من إشعاع فكري وديني في عصور الأغالبة والفاطميّين والصنهاجيين.
أما الفصل الثاني، وهو بعنوان «التشخيص العجيب»، فيعرّفنا بأبرز الأعلام الذين ظهروا على أرض القيروان، أمثال أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد أبو جعفر المعروف بابن الجزار (898 ــــ 980 م) الذي احتل مكانةً بارزةً في تاريخ الطب، وألّف 40 كتاباً، أبرزها الموسوعة الطبية الشاملة «زاد المسافر وقوت الحاضر». وتناول «العلم قوة» مدارس القيروان على مدى أربعة قرون، حيث وجدت أكبر المدارس الطبية والفقهية والأدبية، فضلاً عن تطور صناعة الورق والحبر، ما حوّل المدينة سوقاً للمعرفة ووجهة للعلماء. وفي الفصل الرابع «بيت الحكمة»، يعرّفنا علاء الدين على خصائص بيت الحكمة في رقادة الذي أسّسه الأمير الأغلبي إبراهيم الثاني محاكاةً لبيت الحكمة الذي أسّسه هارون الرشيد في بغداد. وكان بيت الحكمة في رقادة نواةً لمدرسة الطب القيروانية التي أثّرت في الحركة العلمية في المغرب زمناً طويلاً، كما كان معهداً علمياً ومركزاً لنسخ المصنّفات. وكشف الفصل الخامس «العمل الكبير» تأثير جزيرة صقلّيّة التي كانت تحت السيادة الأغلبية لفترة طويلة في الحضارة الإسلامية والعربية، وخصوصاً في مجال الآداب والعلوم. كما مثّل الفصل مناسبةً للتعرف إلى الشريف الإدريسي، أبرز علماء الجغرافيا الذي انطلق من قرطبة في رحلات أوصلته إلى القيروان التي وصفها في كتابه الشهير «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» بأمّ الأمصار وعاصمة الأقطار.
وانتهت رحلة علاء الدين والمارد في الفصل السادس «العودة السعيدة» بإبراز تأثير القيروان على الأندلس من الناحية المعمارية، وخصوصاً المساجد والقصور، كذلك مثّلت القيروان ملتقىً ثقافياً ودينياً للأندلسيّين.