نجوان درويش
بمعزل عن إشكالية «الاحتفال» بالقدس «عاصمة الثقافة العربية» وهي تحت الاحتلال، والسياسات العربية في التعامل مع المناسبة (مثل إقامة أسبوع ثقافي أردني «في أراضي السلطة»)، فإننا حين ننظر إلى مستوى التمثيل «الثقافي» في هذا «الأسبوع» وما يتضمنه برنامجه، سنلاحظ طغيان الطابع الرسمي، والتشكيلة شبه الحكومية للوفد المكوّن أساساً من وزير الثقافة، ومسؤولين من وزارة الثقافة الأردنية، وممثلات من «الرابطة الأردنية للحرف اليدوية»، و«جمعية تنمية المرأة الأردنية الريفية وتأهيلها»، وأربعة شعراء اثنان منهم شعبيان (شعر نبطي). وإذا قرأنا البرنامج، نجد أنّ الأولوية للجانب الرسمي، والبروتوكول يأتي على حساب المحتوى الثقافي الذي تفترضه مناسبة كـ«القدس عاصمة الثقافة العربية».
هنا تجري «الثقافة» خارج المعرفة واشتراطاتها. وبالتالي من الجائز أن ينوب المسؤولون، وما يحملونه في جعبتهم من عروض فولكلورية، عن المثقفين وأهل الاختصاص. «الوفد الأردني»، وفق التقارير الصحافية، «سيجتمع مع الرئيس محمود عباس ومجموعة من المسؤولين الفلسطينيين... وسيبدأ يومه الأول باجتماع مع وزيرة الثقافة». وخارج اللقاءات الرسمية، هناك زيارات وجولات (سياحية؟)، وعروض أزياء تراثية وأمسيات شعر نبطي. فيما لا نجد في البرنامج ندوة واحدة أو قضية ثقافية واحدة تُناقش، أو حدثاً يشتمل على جهد معرفي مختص بالقدس التي يرعى الأردن رسمياً مقدساتها الإسلامية حتى اليوم.
فولكلورية هذا «الأسبوع» تبدو امتداداً للتعاطي الفولكلوري العام مع فعالية «القدس عاصمة الثقافة العربية» فيما «عاصمة الثقافة العربية» المحتلة، تحتاج إلى جهود وخطط وسياسات ثقافية لها أول وليس لها آخر، وتحتاج إلى عمل جدي لقضية القدس في المجال الثقافي. وهو أضعف الإيمان في حال حاضرة عربية محتلة بمكانة القدس. «الأسبوع الثقافي الأردني في فلسطين» في برنامجه وذهنيته قريب من اللجنة الأردنية لاحتفالات القدس 2009 التي لقيت نقداً كبيراً في أوساط الكتّاب والمثقفين الأردنيين لدى تأليفها قبل عامين، بسبب اقتصارها على مسؤولين ورسميين وشخصيات دينية. ولعل ما نظمته من ندوات وتصريحات فولكلورية، وغياب أي مشروع معرفي أو إبداعي عن نشاطاتها، يؤكد صواب تلك الانتقادات. ولا ننسى بالطبع «لجنة القدس 2009» الفلسطينية التابعة لـ«السلطة» التي أسهمت في إفشال الفعالية بسوء إدارتها، وعدم اعترافها بالعجز، رغم كل الانتقادات التي وجّهت إليها من البداية. إذ كان بإمكانها أن تجعل الفشل أقلّ دوياً. والأمر ينطبق على اللجنة الأخرى في غزة التي ألّفتها «حركة حماس»، وتبدو كأنها خارج العصر.