سبعة برامج يوميّة تحاول كلّها استقطاب أكبر عدد من المشاهدين. المنافسة بين الفضائيات المصريّة بلغت حدّ «سرقة الضيوف»... وصار مبدأ «الغاية تبرّر الوسيلة» سيّد اللعبة بلا منازع
محمد عبد الرحمن
60 ساعة على الأقلّ متاحة للمشاهد المصري أسبوعياً لمتابعة القضايا المحلية المطروحة على الساحة من خلال سبع برامج يوميّة وبرنامج أسبوعي واحد، كلّها تحاول جذب أكبر نسبة من المشاهدين مهما كانت الوسيلة. وحسب خبراء الإعلام المصريين، فإنّ برامج الـ«توك شو» اليوميّة أصبحت بديلاً لدى المصريين من قراءة الصحف، وخصوصاً ربّات البيوت، بالإضافة إلى الفئة التي لا تفضّل قراءة الجرائد عامة.
عندما انطلق برنامجا «البيت بيتك» ثم «العاشرة مساءً» لتقديم نموذج غير مشفَّر للبرنامج الأشهر «القاهرة اليوم»، تفاءل كثيرون بالمنافسة التي ستواجه عمرو أديب أمام محمود سعد ومنى الشاذلي. ثم جاء برنامج «تسعين دقيقة» ليكمل الرباعية، لكن برامج الـ«توك شو» باتت، على ما يبدو، دليلاً على قوة القناة. إذ سارعت قناة «الحياة» إلى إطلاق برنامج «الحياة اليوم» الذي خالف في توقيت العرض ما اعتادته البرامج الأربعة السابقة. إذ كانت تتوقّف كلّها يومي الخميس والجمعة، لكن عروض «الحياة» مستمرة اليوم طوال الأسبوع. ورغم أنّ «الحياة 2» انطلقت لتتخصّص في المنوعات الفنية والبرامج الرياضية، لكن سرعان ما ظهرت الإعلامية رولا خرسا لتقديم برنامج يومي بعنوان «الحياة والناس». وقبل ذلك بقليل، كان قناة otv قد أطلقت «بلدنا» تقديم خالد صلاح ومي الشربيني. وعلى رغم أن المحطة كانت بعيدة عن المجال السياسي منذ البداية وكان برنامجها المسائي يحمل عنوان «مساءك سكر زيادة»، إلإ أنّ إدارتها أدركت أنّه لا مناص من دخول المنافسة المسائية بهدف ضمان استمرار متابعة الجمهور لها في وقت الذروة.
لكنّ الظهور اليومي لتلك البرامج لم يكن كافياً على ما يبدو. هكذا، اتجهت «المحور» إلى تقديم برنامج أسبوعي بعنوان «48 ساعة» لسيد علي وهناء سمري. كل ما سبق جعل المشاهدين المصريين أمام فوضى عارمة تبدأ وتنتهي في وقت واحد. تراجعت الانفرادات المهنيّة التي تعتمد على مجهود فريق العمل، وأصبح الأهم الحصول على رضى الجمهور بأي شكل، حتى لو كان من خلال «سرقة الضيوف». وبات عدم الاستقرار السمة الأساسية في كواليس تلك البرامج بعدما ساد شعار «الغاية تبرّر الوسيلة».
هكذا وجّه برنامج «العاشرة مساءً» ضربتين في أسبوع واحد لـ«بلدنا» الذي اعتمد على الترويج الإعلامي لضيوفه المهمّين. بعدما أعلن «بلدنا» عن تفرّده بالحوار الأول لأحمد السقا بعد عرض فيلمه الأخير «إبراهيم الأبيض» ونشرت الصحف ذلك قبل موعد اللقاء بثلاثة أيام، نجحت منى الشاذلي وفريق «العاشرة مساءً» في استقطاب السقا قبل ظهوره على «بلدنا» بيوم واحد. وتكرر الأمر مع هيفا وهبي التي طالت إقامتها في باريس، فاكتفت بالمشاركة عبر الهاتف في حلقة «دكان شحاتة» على «بلدنا» رغم الإعلان عن حضورها مع المخرج خالد يوسف. وفور عودتها إلى القاهرة، حلّت ضيفة على «العاشرة مساءً»! لكنّ الصراع على الضيوف كشف مدى انحياز النجوم إلى البرامج الأقدم، وخصوصاً أنّ البرامج الجديدة لا تزال فاشلة في جذب الاهتمام بسبب عدم خبرة مقدميها. في «بلدنا» مثلاً، غابت مي الشربيني، بعدما تركت «تسعين دقيقة»، وعادت مع خالد صلاح وهو صحافي يقدّم برنامجاً لأوّل مرة وكلاهما افتقد إلى التناغم الجاذب للانتباه. وهو ما يتكرّر لكن بصورة أقل مع مقدمي برنامج «الحياة اليوم» شريف عامر ولبنى عسل. رغم تمسّكهما معظم الوقت بالقواعد المهنية، إلا أنّ الحيادية الشديدة التي يقدّمان بها البرنامج تجعلهما أقرب إلى الموظفين لا الإعلاميّين أصحاب وجهات النظر. هكذا، أخفقا في تحقيق الشهرة التي تشجّع الجمهور على المشاهدة اليومية لأنّ المضمون الجيّد وحده لا يكفي. العكس يحدث مع معتز الدمرداش الذي بدأ يفقد الكثير من رصيد النجاح الذي حقّقه في «تسعين دقيقة» بعدما تعرّض فريق الإعداد لعدم الاستقرار منذ رحيل المشرف عليه بشير حسن لتقديم برنامج «48 ساعة».
هكذا، أصبح الدمرداش متهماً بتطبيق سياسة «الرجل الأول». حتى أنّه لا يشارك زميلته ريهام السهلي في تقديم أي فقرة إلا نادراً. فيما بقي «البيت بيتك» محتفظاً بالطابع الحكومي معظم الوقت ومعتمداً على الجمهور المحبّ لمحمود سعد من جهة والموالي للشاشة التابعة للدولة من جهة أخرى. بينما فضّل عمرو أديب الصمود في منافسة اللاعبين الجدد من خلال انفرادات خاصة في البرنامج سواء في قضية سوزان تميم مروراً بتخصيص حلقة تحت عنوان «للكبار فقط» وصولاً إلى اتّهام بعض لاعبي المنتخب المصري بالتعرّض للسرقة بسبب إدخالهم فتيات الليل إلى فنادقهم في جنوب أفريقيا!


واحد من الناس

جاء البرنامج الجديد للإعلامي المصري عمرو الليثي (الصورة) تحت عنوان «واحد من الناس» ليؤكد أن الظهور اليومي ليس وحده الكفيل بجذب الاهتمام. يقدم الليثي برنامجه كل خميس على شاشة «دريم 2» معتمداً على استضافة نجم صاحب شعبية مثل عادل إمام ولاعب الكرة أحمد حسن والمطرب تامر حسني والخروج منه بتصريحات لافتة. لكن قبل الحوار، يفتح ملفاً عن المناطق العشوائية والمهملة من الحكومة المصرية، ونجح في تصوير أماكن لم يصدق الجمهور بسهولة أنها موجودة على أرض مصر وأنّ هناك بشراً يعيشون في هذه الظروف ليحصد استجابات سريعة من المسؤولين الذين هاجمهم بشدة وفوجئوا بوصول الكاميرا إلى تلك الأماكن