الأولى ضربت مبيعات سوق الكاسيت والثانية «ابتعلت» معظم النجوم. لكن بين هذا وذاك، ينسى أصحاب شركات الإنتاج الموسيقيّة في مصر أنّهم لم يفعلوا شيئاً إزاء هذا الوضع سوى... التذمّر
محمد عبد الرحمن
عندما حصل المنتج محسن جابر على توقيع تامر حسني لينضمّ إلى «عالم الفن»، لم يكن يضيف نجماً صاحب جماهيرية إلى قائمة نجوم شركته، لأنّ القائمة لم تكن ثابتة أبداً طوال الوقت. هناك مَن يخرج كلما دخل مطرب جديد. في هذا العام مثلاً، خرجت هيفا وهبي وهشام عباس وذهبا إلى «روتانا»، وقبلهما خالد سليم. لكنّ الضجة الإعلامية بشأن توقيع تامر حسني جاءت للإيحاء بأنّ «نجم الجيل»، كما يلقّب، قادر على تعويض «عالم الفن» كلّ هذه الإخفاقات. أما الواقع فليس كذلك، لأنّ الشركة لم يعد لها مطربون بالمعنى الاحترافي للكلمة إلا في أضيق الحدود. سميرة سعيد مثلاً لم تجدّد عقدها ولم تحدّد وجهتها المقبلة. وإذا أكملت مع «عالم الفن»، فسيكون ذلك لأنّها الشركة التي توفّر لها دعاية أفضل من غيرها وتتركها على حريتها في اختيار أغاني الألبوم. أما مصطفى قمر فلم يعد قوياً في سوق الكاسيت حتى يُعتبر أحد دلائل حفاظ الشركة على قوتها. وهو ما ينطبق على إيهاب توفيق وهاني شاكر. كل هؤلاء يتعاملون مع «عالم الفنّ» باعتبارها موزعاً، لا منتجاً، وشاشة لعرض كليباتهم بشكل لائق لكون قناتي «مزيكا» و«زووم» تحظيان بمتابعة جيدة من الجمهور المصري على الأقل. بناءً عليه، لا يجدي أن نسأل عن توابع توقيع ميادة الحناوي مع الشركة ذاتها. عندما ينتهي الألبوم، سيُطلق لكن من دون خطة محددة. رغم كل ما سبق، فالوضع في «عالم الفنّ» أفضل بكثير من شركات أخرى في مقدمتها «فري ميوزيك» أو شركة المنتج نصر محروس الذي تفرغ في العامين الأخيرين لخسارة نجومه الكبار: شيرين أولاً ثم بهاء سلطان وبعدهما تامر حسني. لكنّ شيرين وحسني نجحا في توفيق الأوضاع. إذ دفعت شيرين الشرط الجزائي، بالتقسيط، من قيمة عقدها مع «روتانا» وحافظَ حافظ على الشعرة الأخيرة بعدم اتفق مع نصر على الخروج بسلام مقابل العودة بعد فترة محددة على طريقة لاعبي الكرة الذين يُعارون لأندية أخرى حتى يستطيع ناديهم الأصلي الإفادة منهم إذا تحسنت الظروف. فيما لا يزال بهاء سلطان غائباً عن الأضواء لأنّه لا يستطيع العمل من دون موافقة محروس. وفي الوقت عينه، لن يجد العرض الذي يمنحه الحرية ولم يبق من نجوم الشركة التي كانت تعد ثانية أهم شركة مصرية في السنوات الأخيرة إلا مطرب وحيد هو هيثم شاكر مع المطربة ثوما. وهذه الأخيرة تؤكد في كل تصريحاتها علاقتها الطيبة بنصر محروس لأنّها لو تمردت على حالة الهدوء التي تعانيها، فلن تجد شركة أخرى بسهولة، تماماً كما حدث مع المطرب لؤي الذي دخل في نزاعات قضائية طويلة مع شركة «ميراج». وبعد فشل ألبومه الثاني، تعاقد مع المنتج ريتشارد الحاج لكن من دون تطور ملموس حتى الآن. أما شركة «هاي كواليتي» فلم يعد لديها إلا حمادة هلال الذي يركّز حالياً على التمثيل للصمود في سوق الفن، لأن الغناء بمفرده مع شركات غير مستقرة لن يجدي. علماً بأنّ «هاي كواليتي» كانت في نهاية التسعينيات من بين الشركات المهمّة التي تعامل معها هاني شاكر وإيهاب توفيق ومحمد محي. لكنّ العواصف التي ضربت سوق الكاسيت المصرية لم تسمح للشركة بالصمود طويلاً، على اعتبار أنّ السبب الرئيس لاستمرار «عالم الفن» في المقاومة هو الاستثمار الفضائي من خلال تكوين الشركة التي تدير القنوات التابعة للمنتج محسن جابر.
الوضع يتكرر في شركة «غودنيوز فور ميوزيك» التي يديرها المنتج أحمد الدسوقي الذي نجح خلال ثلاثة أعوام فقط في تقديم نجمة جديدة للسوق العربية هي المغربية جنات. لكنه كعادة المنتجين في الآونة الأخيرة، لم يوازن بين باقي نجوم الشركة فخرج منها حاتم فهمي بينما يفكّر محمد قماح في الانسحاب. علماً بأنّ أول ألبوم أطلقته الشركة قبل خمس سنوات كان للفنانة اللبنانية ماجدة الرومي. لكن التجربة لم تتكرر من دون إعلان الأسباب. فيما كان المنتج نصيف قزمان صريحاً مع أوضاع السوق بالاكتفاء بمطرب واحد هو محمد حماقي. علماً بأنّ الإدارة الفنية لحماقي صارت من مسؤولية شركة Music is my life اللبنانية بعدما سحب حماقي المهمة من شركة «ميلودي» التي لا تزال تتعاون مع الشركة اللبنانية في دعم مطربيها في مصر. وهو ما يساعدنا على فهم مصدر القوة الرئيسي لشركة «ميلودي ميوزيك». إذ تعتمد أساساً على الفضائيات التابعة لها التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية حتى خارج مصر. بالتالي، يتوافر للمطرب الذي يتعاقد معها الكثير من الترويج والتسويق الذي تجيده الشركة، لكن في الوقت عينه على كل مطرب الاعتماد على نفسه وإنتاج أغانٍ جيدة من دون الاستعانة بالمنتج إذا أراد البقاء في دائرة المنافسة.