strong>محمد عبد الرحمنيبدو أنّ أوجه الرقابة المصرية تغيّرت، وها هي الجهات الدينية والأمنية تدخل على الخطّ. بل إنّ رضاها على الأعمال السينمائية والدرامية بات يسبق موافقة جهاز الرقابة. هكذا مثلاً وافقت الكنيسة أولاً على عرض فيلم «المسيح والآخر» تسهيلاً لتمريره أمام الرقابة. كما دخل شريط خالد يوسف الأخير «دكان شحاتة» متاهات هذه الرقابة المستجدّة بسبب المشهد الأخير الذي ترغب بعض القيادات الأمنية في حذفه. وكانت الرقابة قد طالبت بتأليف لجنة من رجال الشرطة لمشاهدة العمل. وإن دلّ ذلك على شيء، فعلى تراجع الحريات في المجتمع المصري في ظل الخوف المستمر من أن يصبح أي عمل إبداعي نافذةً لإثارة صمت الغاضبين.
«دكان شحاتة» إذاً، كان آخر ضحايا هذه الرقابة المستجدة، فما كان من المخرج خالد يوسف إلا أن هدّد بعرض الفيلم نهائياً إذا اضطّر لحذف أي مشهد من مشاهده. وفي التفاصيل، أنّه في المشهد الأخير من الشريط، يحذّر يوسف من انتشار الفوضى بسبب غياب القوانين. إذ يتعرّض شحاتة (عمرو سعد) للقتل على يد إخوته الرافضين تدليل والدهم (محمود حميدة) له. وتتطوّر الأحداث فيهبّ أصدقاء شحاتة للنيل من القاتلين، فيشعل المتطرّفون الموقف بمساعدة «البلطجية» في ظلّ غياب أي جهة أمنية أو قانونية قادرة على ضبط الوضع. واللافت أنّ هذه الأحداث لا تختلف عمّا شاهدناه في آخر أفلام المخرج الراحل يوسف شاهين «هي فوضى». لكن يبدو أن الرقابة، التي تمثّل النظام، باتت أكثر تشدداً من ذي قبل، وهو ما أكده خالد يوسف، معلناً أنّ تمرير «حين ميسرة» و«هي فوضى» كان استثناءً، وأنّ «دكان شحاتة» هو المحك الحقيقي لاستعادة الرقابة قوّتها في المنع بمساعدة الجهات الدينية والأمنية التي باتت شريكةً في العملية الرقابية. يذكر أنّ المفارقة المضحكة المبكية هي أن رجال الشرطة الذين شاهدوا الشريط لم يجدوا فيه ما يسيء إلى وزارة الداخلية. ورغم ذلك، لا تزال الطريق إلى عرضه شائكة.
في هذا الإطار، لا بدّ من العودة إلى عشرات السيناريوهات التي لا تزال مجمّدة بعدما منعت الرقابة انطلاق تصويرها بسبب تطرقها إلى قضايا شائكة عن علاقة الشرطة بالمجتمع. وانطلاقاً من هذا الواقع، بدأت المخاوف تنتقل بين الفنانين والنقاد من الدخول رسمياً في مرحلة الرقابات المتعددة. ولم يعد غريباً أن يذهب المبدع أولاً إلى الأزهر أو الكنيسة ليحصل على الموافقة كي تسهّل مهمة الرقابة بعد ذلك.


علي أبو شادي شخص آخر!