مهرجانات بعلبك الدوليّة» بين سالسا وجاز وروك وأوبرا ورقص ومسرح. «لاترافياتا» في «باحة المعبدين» المستحدثة، شوبرت وباخ يقدّمها عازف البيانو الاستثنائي دايفيد فراي، وفرقة Deep Purple تعيدنا إلى صخب الشباب...
بيار أبي صعب
بعد «مهرجانات بيت الدين» (التي اكتفت بتوزيع أسطوانة رقميّة لبرنامجها على الصحافة)، ثم «بيبلوس»... جاء دور «مهرجانات بعلبك الدوليّة» لتعلن عما تحمله من مواعيد على برنامج عامها الرابع والخمسين (من ٤ تموز/ يوليو إلى ١٣ آب/ أغسطس). بعلبك هي أم احتفاليات الصيف اللبنانيّة وأعرقها، كما ذكّر مساء عيد التحرير، في قاعة «أسمبلي هول» (الجامعة الأميركية في بيروت)، وزير الثقافة تمام سلام ثم الشاعر طلال حيدر، كلّ على طريقته. شاعر العاميّة المعروف جلس إلى المنصّة، إلى جانب مي عريضة التي ما زالت تقبض على الدفّة بيد من حديد (في قفاز من المخمل)، والوزيرين سلام وماروني (السياحة)، والوزيرة السابقة ليلى الصلح التي تدير مؤسسة الوليد بن طلال للأعمال الإنسانيّة، وقد أغدقت العطاء هذا الموسم على المهرجان وبعض ضيوفه، وسائر الفنانين (إيفان كركلا) وممثلي الجهات الراعية، وأعضاء اللجنة.
قال طلال حيدر إنّه هنا بصفته ابن مدينة الشمس، وحيّا أهلها ورئيس بلديّتها، علماً أنّه أيضاً مؤلف «الليالي اللبنانيّة» التي سيتحفنا بها مواطنه البعلبكي هذا الصيف: عبد الحليم كركلا يعود مع ربعه، في استعراض مسرحي غنائي راقص بعنوان... «أوبرا الضيعة». يشترك فيه، إضافة إلى الفرقة، مغنّون (عاصي الحلاني، هدى حدّاد، جوزف عازار...) وممثلون (رفعت طربيه، غابرييل يمّين...). وهناك مفاجآت (صباح ووديع الصافي) كشفها لنا كركلا الابن الذي يتولّى الإخراج، فيما أخته أليسار توقّع الكوريغرافيا، والمايسترو محمد رضا علي غولي التلحين والتوزيع. الاستعراض الذي تدور أحداثه في ساحة الضيعة (١٦ ــــ ١٨ تموز/ يوليو)، يقدّم في فضاء مستحدث، يقع بين معبدي باخوس وجوبيتير.
تطالعنا بعلبك هذا الموسم، بفضاء عرض جديد استنبطته بين أعمدة جوبيتير (وراء الجمهور) ومعبد باخوس (خلفيّة المسرح). يبدو أن «باحة المعبدين»، بمدارجها العصريّة وتقنياتها الجديدة، تتمتّع بأمانة صوتيّة فائقة، ما يخوّل المهرجان هذا العام استضافة أوبرا فيردي «لاترافياتا»، بطاقمها الضخم (١٨٠ شخصاً)، من دون ضرورة للميكروفونات. الأوبرا التي تختتم الموسم في ١٣ آب (أغسطس)، ثمرة توأمة مع مهرجان Les Chorégies d'Orange الفرنسي (قائد الأوركسترا باولو آريفابيني، والسوبرانو الألبانيّة إرمونيلا جاهو تغنّي فيوليتا).
بين العائدين إلى «دراج بعلبك» هناك طيف المعلّم الفرنسي الراحل موريس بيجار الذي زار المدينة مراراً قبل اعتناقه الإسلام وبعده، وبه يفتتح برنامج بعلبك هذا العام. جيل رومان ــــ تلميذ بيجار الأربعيني، ووريثه على عرش «باليه لوزان» ــــ سيرقص تشكيلة من أعماله الكوريغرافيّة الخالدة: «البوليرو» (رافيل/ 1961)، و«عصفور النار» (سترافينسكي/ 1970 )، و«أداجياتو» (مالر/ 1988)، إضافة إلى «كازينو الأرواح» (فيفالدي) من تصميم رومان ورقصه (الرابع من تموز/ يوليو).
وكي تكتمل البرمجة لا بدّ من لمسات كلاسيك وجاز وسالسا وهارد روك. هذه السنة عازف البيانو الاستثنائي دايفيد فراي سيقدم شوبرت وباخ (١١/ ٧). وعازف الكونترباص رون كارتر سيقدّم برنامجاً من الجاز والبوسا مع الخماسي الذي يحمل اسمه. في الحفلة نفسها (أول آب/ أغسطس)، ستحضر السالسا مع سداسي لإيدي بالميري. ويدعو المهرجان فرقة الروك البريطانيّة Deep Purple (٢٥/ ٧) التي تحمل إلى بعلبك ريح الحنين إلى صخب الستينيات، مع المغني يان جيليان وعازف الغيتار ستيف مورس والبيانو المكهرب دون آري، والباص روجر غلوفر وطبول يان بايس.
هناك أخيراً زائرة من نوع خاص، هي الفرنسيّة فاني أردان، ممثلة فرنسوا تروفو وألان رينيه. تأتي إلى موعد (مسرحي) حميم مع جمهور بعلبك، لتقدّم مونولوجات من «ميديا» يوريبيدس و«فيدرا» راسين، مساء العاشر من تموز/ يوليو في معبد باخوس. إنّهما زائرتان بالأحرى، إذ ترافق أردان على الخشبة عازفة الفيولونسيل صونيا فيدير ــــ آترتون. وكنا نتمنّى أن نستمع أيضاً إلى تلميذة روستروبوفيتش ونتاليا شاخوفسكايا في حفلة خاصة بها تقدم خلالها باخ وبرامس وبروكوفييف وشوستاكوفيتش ويانيتشيك، وصولاً إلى جورج أبرجيس. لكن حضورها في لبنان سيقتصر على مرافقة شريكتها في مشروع يعود إلى العام ٢٠٠٥، أي إنّه يصلنا متأخراً بعض الشيء...


من ٤ تموز (يوليو) حتى ١٣ آب (أغسطس) ــ 01/373150