فنان متعدّد المواهب. عمل في التمثيل قبل أن يتفرّغ لمسيرته الفنيّة تلحيناً وغناءً. تَمَكُّنه من الأصالة وفّر لتجربته صلةً دائمة بالتراث، من دون أن يتكبّل بالقواعد التقليديّة

بشير صفير
بعد الرقص الشرقي الأصيل مع الفنانة اللبنانية سهى ديب الأسبوع الماضي، يقدّم مهرجان «موسيقى ـــــ 3» نشاطه الفنّي الثاني ضمن برنامجه لهذا الموسم، إذ يستضيف على خشبة «مسرح المدينة» الفنان السوري بشار زرقان لإحياء أمسية وحيدة مساء الجمعة 10 نيسان (أبريل) الجاري.
تأتي حفلة زرقان لترفع مستوى الفنّ الصوفي في لبنان. إذ تزامنت في هذه الفترة مجموعة أنشطة موسيقية تحمل هذا الطابع التعبيري، وإن اختلفت المدارس والاتجاهات بينها أمسية نداء أبو مراد «البشارة: سماع صوفي إسلامي مسيحي مشرقي». كذلك فإنّ فرقة «أهل الهوى» التي تقدم أشكالاً من الموسيقى الصوفية تستعد لبدء جولتها في الجامعات الخاصة في لبنان (مساء غدٍ في الجامعة الأميركية في بيروت).
بشار زرقان فنان سوري متعدّد المواهب. درس مسرح الصوت في باريس، وعمل في مجال التمثيل، قبل أن يتفرّغ لمسيرته الغنائية. بداياته كانت مع عملَيْن مسرحيَّين مطلع الثمانينيات، شارك فيهما تلحيناً وغناءً. بعد ذلك، انطلق زرقان إلى عالم الغناء، ونسج علاقةً متينةً مع التراث العربي شملت الموروث الغنائي السوري ثم المصري في القرن التاسع عشر، إضافة إلى مدرسة المقام العراقي. تَمَكُّنه من الأصالة سمح له بالتجديد انطلاقاً من قواعد متينة، ما وفّر لتجربته صلةً دائمة بالتراث، من دون أن يتكبّل بالقواعد التقليديّة. قدّم زرقان تجربته هذه أمام الجمهور العربي والغربي، فأحيا أمسيات في دار الأوبرا في القاهرة والنادي العربي في لندن ومعهد العالم العربي في باريس، كذلك شارك في العديد من المهرجانات الدولية، من «جرش» في الأردن، و«مهرجان المدينة» في تونس، و«مهرجان أبو ظبي»، و«أصيلة» في المغرب، إلى مهرجان التصوّف في عمان و«مهرجان المتنبي» في زوريخ وبرن (سويسرا) وغيرها.
من جهة أخرى، أنجَزَ بشّار زرقان ثلاثة أعمال مسجّلة خاصة، أولها يعود إلى عام 1999 ويحمل عنوان «طير لا تطير». في هذا الألبوم، لحّن وأدّى نصوص الحلاج ورابعة العدوية وبدر شاكر السيّاب والشريف الرضي وعمر ابن الفارض، إضافة إلى نصوصٍ لشعراء معاصرين مثل طاهر رياض ومحمود درويش. أما عمله الثاني فخصّصه لجدارية محمود درويش، علماً بأنّ أشعار الأخير لم تغِب عن أسطوانته الأولى (قصيدة «الهدهد») ولا الأخيرة (قصيدة «سقط الحصان»). في ألبومه الثالث والأخير اختار زرقان نصوصاً لمجموعة شعراء، بعضهم كان قد غناهم في ألبومه الأول، وأضاف إليهم أبا حيان التوحيدي و... أحمد الشهاوي!
لا فارق كبيراً بين هذا الألبوم الذي أتى بعنوان «حالي أنت» والأعمال السابقة، لناحية القالب الموسيقي والتوجه الفنّي العام. الصوفية والتوحّد مع الخالق والعشق الإلهي والالتفات إلى القضية الفلسطينية هي في صميم المعنى. أما بالنسبة إلى الأداء والألحان، فالغزل يأخذ اتجاهاً طربياً، والصوفية تنضح بالابتهال والتسبيح والتأمل وتستعير أسلوب الإنشاد الديني، ولا يغيب عنها اللحن الموقَّع والحيوي في معظم الأحيان. المرافقة الموسيقية التي يعتمدها بشار زرقان متقاربة في أعماله، إذ تتألف فرقته من التخت الشرقي المطعَّم بآلات غربية لا تؤذي روح أغنيته مثل التشيلو والبيانو والكلارينت (التي تشارك ارتجالاً في الألبوم الأخير، وتحمل توقيع الفنان السوري العالمي كنان العظمة). اللافت في نبرة صوت زرقان والطاقة في الألحان المندفعة من حنجرته تلتقي في هامش واسع منها مع أسلوب مواطنه الفنان الملتزم سميح شقير. لِنقُلْ إنه نَفَسٌ وجدانيٌ مشتركٌ بين الفنانين.
في أمسيته البيروتية، سيؤدّي بشار زرقان، مع فرقته المؤلفة من ستة موسيقيين بمشاركة كورس من ستة منشدين، مجموعة من الأعمال التي يستعيدها من ألبومه الأخير خصوصاً، كما يقدّم للجمهور بعضاً من جديده.
بشير..


8:30 مساء الجمعة 10 نيسان (أبريل) الحالي ــ «مسرح المدينة» ــ 01/753011