بيار أبي صعبحين لفتت الأنظار بباكورتها الشعريّة «إيماءات» (٢٠٠٢)، كانت قد قطعت أشواطاً في حياتها الشخصيّة والمهنيّة. لكنّ مسيرة المبدع يؤرّخ لها أحياناً بالتجربة التي تسبق النصّ. وهذه الكاتبة المغربيّة ولدت في الظلّ، مذ وعت وجودها في قلب مراهَقة مولعة بالفنّ والأدب، كأنثى محاصرة بالمعايير التي تحدّد سلفاً موقع الأفراد ودورهم وحدود حريّتهم. وضعت أحلامها بين قوسين لتدرس الطبّ وتمتهنه، ثم قرّرت فجأةً أن تعيش، فراحت تكتب. التجربة الحياتيّة بمرّها وحلوها أعطتها العمق الكافي كي ترى وتختبر وتختزن، تاركة لذلك الصوت المشاكس القابع في أعماقها أن ينمو.
نقرأ روايتها الثانية «مخالب المتعة» (المركز الثقافي العربي ـــــ بيروت/ الدار البيضاء)، فنتيقّن من أن فاتحة مرشيد جاءت الأدب من الحياة. بعد قصّة الحبّ بين الطبيبة النفسيّة المعذّبة والشاعر المأزوم في «لحظات لا غير»، ها هي ترسم لوحة أمينة ـــــ بالصوت والصورة كدنا نكتب ـــــ لمجتمعها وزمنها ومعاصريها. توظّف عناصر معرفيّة وجماليّة وسرديّة شتّى، بينها المحكيّة المغربيّة، لتصوّر واقعاً اقتصادياً بائساً (البطالة/ الذكوريّة)، وواقعاً إنسانيّاً يضاهيه بؤساً (القهر الجنسي/ النسائي)، يتقاطعان مع الـ«جيغولو» عند تبادل الخدمات الاجتماعيّة والجنسيّة.
تخوض فاتحة في مختلف المحظورات الاجتماعيّة والثقافيّة، لكنّها تكتب بخفر وتماسك يبعدانها عن الإيروسيّة الطاغيّة اليوم على الأدب النسائي. «المتعة» التي تأخذ المرأة بمخالبها، هي وسيلة التمرّد الأخيرة على السلطة البطريركيّة المتمثّلة في المؤسسة الزوجيّة. لا بدّ إذاً من تسليط الضوء على النقطة (ج)، مفتاح اللذة النسائيّة القصوى.