محمد عبد الرحمنكلّ مرة تنتقد إحدى الفضائيّات العربية، وخصوصاً «الجزيرة»، سياسة النظام المصري، تتطوّر ردود فعل الصحافة المصرية إلى حدّ انتقاد وزارة الإعلام واتّهامها بتحمّل المسؤولية في الدفاع الإعلامي عن النظام. وكانت الحكومة المصرية قد منعت إنشاء أي محطة إخبارية خاصة: حاول عماد الدين أديب لكنّه فشل. المصير نفسه لقيته القناة الإخبارية التي حاولت مجموعة «الحياة» إنشاءها، فاكتفى المرشح لرئاستها حافظ الميرازي بتقديم برنامج يتيم. وتفاقمت المشكلة عندما فشل الإعلام الحكومي نفسه في تقديم بديل جيّد، إذ لم تنجح محاولات وزراء الإعلام منذ عشر سنوات في تقديم مضمون إخباري يقنع المصريين. هكذا فضّل المشاهد استبدال القنوات المحلية بفضائيات عربيّة، وخصوصاً خلال الأزمات السياسية.
لكن يبدو أنّ تلك الصورة ستتغيّر قريباً. إذ نشرت صحيفة «المصري اليوم» خبراً مفاده أن وزير الإعلام المصري أنس الفقي بدأ العمل على مشروع صحيفة وقناة إخبارية جديدة «تطبّق المعايير المهنية بعيداً عن الروتين الحكومي». وكان هذا الأخير يقضي بأن تمرّ أغلب الأخبار «الساخنة» على وزير الإعلام قبل بثّها على الهواء. ورغم أن ما تسرّب عن المشروع الجديد المزمع إطلاقه في 2010 يوحي بالتفاؤل، إلا أنّ مخاوف أثيرت بسبب طريقة إعلان الخبر. إذ جاء على شكل تسريبات صحافية من دون إعلان مباشر من الوزير المتّهم دائماً بالصمت المبالغ فيه. كما لم يتضح بعد موقف قناة «النيل للأخبار» التي لا تزال من دون رئيس منذ شهر وباتت خاضعة إدارياً لقطاع الأخبار، وهي الجهة المسؤولة في التلفزيون المصري عن إمداد القنوات الأرضيّة بالنشرات الإخبارية. بالتالي، ليس معروفاً إذا كانت القناة الجديدة هي إعادة تأهيل لقناة «النيل للأخبار»، التي فشلت كل خطط التطوير في إنقاذها، أم أنّ الشاشة المنتظرة ستكون جديدة شكلاً ومضموناً. أما الأسماء المرشحة لقيادة القناة فهي عبد اللطيف المناوي لرئاسة القناة، وعمرو عبد الحميد مراسل «بي بي سي» في مصر لإدارة البرامج، مع الاستعانة بخبرات صلاح نجم وحافظ الميرازي وغيرهما من الإعلاميين المصريين الذين بدأوا في التلفزيون المصري وغادروه منذ سنوات ليشاركوا في تأسيس معظم القنوات الإخبارية الناطقة بالعربية. كل هؤلاء سيعودون في حال تطبيق الحكومة ممثلةً بوزير الإعلام وعداً وحيداً وأساسياً هو أن تكون القناة مهنيةً موجهةً إلى الجمهور العربي لا المصري فقط، والأولوية للخبر المهمّ، مهما كان، بعدما عانى الجمهور طويلاً من متابعة أخبار رئاسة الجمهورية البروتوكولية أولاً قبل أن يعرف عدد ضحايا عدوان غزة أو لبنان وصولاً إلى العراق. لكن قبل كل شيء، ستمثّل هذه المحطة، إذا أبصرت النور، الذراع الإعلامية للنظام، تردّ عنه الاتهامات والحملات من الفضائيات العربيّة لكن بطريقة... «مودرن»!