strong>مصطفى مصطفىلعلّ احتفاليّة «بيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009» التي دخلناها منذ أيام، تمثّل مناسبة لطرح مسألة شحّ البرامج الثقافية في الفضائيات العربية. أمام الطفرة التي سجّلتها تلك الفضائيات، تشهد هذه البرامج تراجعاً في حضورها من خلال إيقاف بث «أوراق ثقافية» و«الكتاب خير جليس» على «الجزيرة». أو غيابها غياباً كاملاً، كما يُلاحظ على mbc1. ويبدو أن الهامش الضئيل الذي تمنحه بعض الفضائيات لبرامجها الثقافية، غير متاح أصلاً. إذ ينجرّ النقاش عادةً إلى مواضيع سياسية واجتماعية، ويصبح الموضوع الثقافي هامشياً. مثلاً في «زيارة خاصة» (الجزيرة) و«روافد» (العربية)، تتحوّل سيرة المثّقف إلى موضوع الحلقة من دون التطرّق إلى أفكاره ومناقشتها. ويكون الموضوع الثقافي أحياناً تابعاً لنقاشات أخرى. في برنامج «أكثر من رأي» على الشاشة القطرية، جرى تناول موضوع «القدس عاصمة الثقافة العربية 2009» من زاوية سياسيّة سطحية. ويبدو أنّ حرص الفضائيات على تقديم الإثارة في برامجها الثقافية، هو الدافع وراء إدخالها مواضيع سياسية واجتماعية ومناقشتها مع قضايا ثقافية.
ورغم أنّ بعض البرامج كـ«خليك بالبيت» (المستقبل) و«روافد» تسهم في تعريف المشاهدين على مثقفين عرب، فإنّ هناك برامج أكثر جودة، تقدَّم على فضائيات أقل مشاهدة كفضائية «الحوار»، التي تبثّ برنامجَين مهمَّين هما «حوار الثقافة والأدب» مع كوثر البشرواي، و«مقابسات» مع مازن مصطفى.
من جهة ثانية، وبغضّ النظر عن كون «الحرّة» أداة إعلامية متعثرة للمشروع الأميركي في المنطقة، فإن «قريب جداً» لمقدمه جوزيف عيساوي يتحلى بجرأة في طرح أسئلة دينية وجنسية على ضيفه، وهي مواضيع غالباً ما تكون محرّمة في برامج أخرى.
ويمكن ملاحظة تماهي البرامج الثقافية مع سياسة المحطة. هكذا، يطغى المنحى الديني على «البرامج الثقافية» التي تقدّمها فضائية «إقرأ». أمّا في «إضاءات» الذي يتناول أحياناً مواضيع ثقافية، فيندر أن يستضيف مقدّم البرنامج تركي الدخيل شخصيات ثقافية نسائية، بما يتناقض مع توجّه شاشة «العربية» الليبرالي المحكوم أحياناً بالتوجّهات السعودية المحافظة. هكذا، تبدو فضائية «النيل الثقافية» الشاشة الوحيدة التي تتناول برامجها مواضيع ثقافية. غير أنّ هذه الفضائية التابعة للحكومة المصرية، تكبّلها سلطة الرقيب وتابوهات المجتمع من جهة، والبيروقراطية وثقافة المجاملات من جهة أخرى.


فضائيات «تجارية»