المنافسة تضع الشاشة الصغيرة أمام الامتحان الصعبمحمد عبد الرحمن
ليس صحيحاً أنّ الحرية ازدادت داخل التلفزيون المصري بعد عرض أفلام كانت ممنوعة لسنوات طويلة. الأقرب إلى الدقّة هو القول إنّ المنافسة فرضت ظهور تلك الأفلام بعدما بثّتها القنوات الفضائية مرّات عدة في الأعوام الخمسة الأخيرة. ليس صحيحاً أيضاً أنّ عرض التلفزيون المصري لتلك الأفلام يعني أنّ القائمة ستطول. هناك أعمال يستحيل عرضها حتى على الفضائيات المشفَّرة. يضاف إلى كل هذه الحقائق أنّ عرض تلك الأعمال، وخصوصاً على قناة «روتانا سينما» أو «ميلودي أفلام» منذ سنوات، لا يعني أنّ الرقيب «نائم» في هذه القنوات. على العكس، هناك أعمال لا تعرض على القناتين رغم عدم وجود أي مشاكل رقابية تخصها. بمعنى أدق وباختصار، الرقابة موجودة لكن قبضتها تتفاوت بين الشاشات.
وعلى رغم استمرار المنع، فإن المُشاهد هو المستفيد، لأنّ الأفلام التي كانت ممنوعة باتت متاحةً على أكثر من شاشة، كما أنّ القناة التي ستمنع إلى الأبد لن يلتف حولها الناس. وهو ما أدركته قناة «نايل سينما» أخيراً فحصلت على موافقة لعرض كل من «البريء» و«المهاجر» و«الكرنك» و«إحنا بتوع الأوتوبيس»، وهي الأعمال التي ظلت ممنوعة طويلاً على الشاشات التابعة للتلفزيون المصري، وخصوصاً الأرضية «الأولى» و«الثانية». لكنّ «نايل سينما» ــ رغم أنها مملوكة بالكامل لوزارة الإعلام ــ تصنّف ضمن قنوات شبكة تلفزيون «النيل» التي تقدم إعلاماً مهمته جذب الجمهور في المقام الأول، لكن بالطبع من دون تخطّي الخطوط الحمراء.
هكذا خرج «البريء» إلى الجمهور في ذكرى رحيل أحمد زكي وهو الفيلم الذي كاد يُمنع أساساً من العرض في عام 1986 بسبب انتقاده لطريقة التعامل مع جنود الأمن المركزي، وما يحدث في المعتقلات المصرية. وكانت الرقابة السينمائيّة قد طلبت كتابة عبارة «الأحداث لا تقصد فترة زمنية معينة». كما حذف المشهد الأخير الذي يطلق فيه المجند أحمد أبو الليل النار على قيادة المعتقل.
كذلك عرضت القناة فيلم «إحنا بتوع الأوتوبيس» الذي ظل حبيس الأدراج إلى أن عُرض قبل عامين على «روتانا سينما» بكثافة أثارت التساؤلات يومها. والفيلم للمخرج حسين كمال وبطولة عادل إمام وعبد المنعم مدبولي. وفي الإطار نفسه، خرج فيلم «الكرنك» لسعاد حسني إلى العلن. وكان الناصريون قد رأوا أن هدف الشريط هو تشويه الحقبة الناصرية، وأنّ الرقابة سمحت بعرضه سينمائياً محاباةً للرئيس أنور السادات لأنّه كان يريد زعزعة صورة سلفه. هذا على المستوى السياسي، لكن على مستوى آخر، يحتوي الفيلم على المشهد الشهير لاغتصاب حسني. ويضاف إلى الأفلام التي رأت النور فيلم «المهاجر». والأخير ممنوع «بشدة» على الشاشات الأرضية بسبب اتهام مخرجه الراحل يوسف شاهين بتقديم شخصية النبي يوسف.
لكن هذا التسامح لن يصل إلى أفلام أخرى، في مقدمتها «بحب السيما» و«جنة الشياطين» لأسامة فوزي، و«عمارة يعقوبيان» و«لي لي» لمروان حامد، ومن أفلام السبعينيات والثمانينيات، نذكر «للحب قصة أخيرة»، و«زائر الفجر».
في المقابل لم تعد «روتانا سينما» تتمسّك كثيراً بوجود المقص في المشاهد الساخنة لكن ضمن حدود. ويأتي عرضها لفيلم «الريس عمر حرب» قريباً دلالة على تغيّر في التوجه، لكن بعد الاتفاق مع مخرجه خالد يوسف على مونتاج الفيلم بنفسه تفادياً لأزمة كتلك التي حدثت بين المخرج وart بسبب فيلم «حين ميسرة». وصحيح أنّ «روتانا سينما» عرضت الكثير من الأفلام السياسية الممنوعة على التلفزيون المصري، لكن هناك مَن يؤكد أنّ شجاعة القناة لم تكتمل، فهي لا تعرض مثلاً أفلام «ناصر 56» ولا «أيام السادات». وهو ما رآه بعضهم نوعاً مختلفاً من الرقابة التي تؤكد عدم رغبة القناة في تمجيد الرؤساء المصريين... لتأخذ «ميلودي أفلام» المبادرة وتخصص مواعيد محددة لعرض تلك الأعمال وتضيف إليها «عمر المختار»، و«الناصر صلاح الدين»، وكلّها أفلام تغيب تماماً عن «روتانا سينما». وهو ما دفع بعضهم إلى ترداد أنّ تمويل القناة يرفض ما يمجّّد الثورة المصرية أو حتى الليبية لأسباب تتعلق بمواقف تاريخيّة ظل تأثيرها مستمرّاً حتى وصل إلى مجال الأفلام السينمائية.


الشياطين ذهبوا

قبل عرض فيلم «الشياطين» في نهاية 2007، بدأ الحديث عن الاستعداد لتصوير جزء ثانٍ من الشريط الذي اعتمد على قصص المغامرات الشهيرة «الشياطين الـ 13» للكاتب محمود سالم. وتدور القصة حول فريق من المحترفين العرب الذين يواجهون الأشرار معتمدين على مبادئهم الرفيعة وقدراتهم الشخصية المميزة. والوحدة العربية طبعاً هي المقصودة في هذا العمل. إذ إنّ كل شخصية تنتمي إلى بلد عربي مختلف. غير أنّ المخرج أحمد أبو زيد لم ينجح في تقديم فيلم «أكشن» يقنع محبّي تلك القصص بمشاهدتها على الشاشة بدلاً من قراءتها فقط، ربما لأنّ الزمن تغيّر وأفلام الـ «أكشن» الأميركية فرضت نفسها على خيال الجمهور. شريف منير من جانبه دخل في خلاف أنهى علاقته مع المنتجة إسعاد يونس اعتراضاً على الدعاية الضعيفة للفيلم، فيما لم يستفد باسل خياط كثيراً من أولى تجاربه في السينما المصرية.


سوبر هاني رمزي